-A +A
حمود أبو طالب
هل تذكرون قضية قاضي الجني؟. تلك القضية المهزلة التي كانت حديث المجتمع والإعلام وتناقلتها حتى وسائل إعلام أجنبية بقدر وافر من السخرية. وللتذكير فهي قضية القاضي الذي بعد أن لعب لعبته مع رفاقه مقابل مبلغ من فئة مئات الملايين ادعى أنه لم يكن يدرك ولا يعي ما كان يفعل، لأن جنياً تلبسه، هكذا وبكل بساطة، وبدلا من التعامل مع هذه المهزلة كما يجب فقد مضت القضية في مسار الجني المجهول كما أراد القاضي، لتنتهي ببراءته وسط ذهول كل ذوي الألباب الذين كانوا يتابعون القضية.

ولكن بقدرة قادر، ربما استجابةً لدعاء الجني المظلوم على القاضي الذي ظلمه، أو إصراره على استئناف الحكم ضده، فقد عادت القضية مرة أخرى إلى سطح الأحداث كما نشرت صحيفة مكة يوم أمس، إذ أفادت أن المحكمة الجزائية في المدينة المنورة خصصت يوم (الأربعاء) من كل أسبوع للنظر في قضية قاضي الجني و ٣٨ من رفاقه بعد أن صحح المدعي العام بهيئة الرقابة والتحقيق الدعوى، فيما حكمت الدائرة الجزائية بديوان المظالم برد الدعوى لبطلان الإجراءات قبل عامين، وجاء النظر في القضية بالمحكمة الجزائية بعد نقل الاختصاص لوزارة العدل، إذ كانت في السابق تنظر فيها الدائرة الجزائية بديوان المظالم، كما جاء في خبر الصحيفة.


التهم الموجهة للقاضي ورفاقه تضمنت الرشاوى والتزوير بمحررات رسمية، من بينها صكوك ومستندات حكومية، وقال قانونيون إن القضية اكتنفتها أخطاء عديدة منها تداخل التهم، عدم وجود المتهم الرئيس، أخطاء في الضبط والتحقيق، وتبرئة القاضي مع عدد من الأطراف الرئيسية. هذه القضية لو استمرت بتبرئة القاضي بحسب ادعائه بأن الجني هو السبب لكانت وصمة في تأريخ القضاء، بل في تأريخنا الثقافي والاجتماعي، ولربما كانت أسست لقضايا جديدة أكثر سخفاً منها وأكثر استخفافاً بعقول مجتمع يعيش في القرن الواحد والعشرين.

سوف ننتظر هذه المرة لنرى من يكسب، القاضي أم الجني أم العدالة والنزاهة.

habutalib@hotmail.com