-A +A
وكالات (عفرين)

مع تطويق القوات التركية لمدينة عفرين وريفها في شمال سورية، يسود الخوف المدنيين الذين تكتظ بهم المنازل ويحاول بعضهم الفرار، فيما ينصرف المقاتلون الأكراد إلى تحصين مواقعهم استعداداً للدفاع عن معقلهم.

ومنذ بدء الهجوم التركي في 20 يناير، توافد الآلاف من سكان البلدات الحدودية إلى مدينة عفرين ما فاقم الوضع الإنساني سوءاً، خصوصاً بعد انقطاع الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء وانصراف السكان إلى تموين منازلهم خشية حصار وشيك.

وتحاصر القوات التركية والفصائل السورية الموالية منذ الاثنين المدينة وعشرات القرى غربها، فيما لا يزال منفذ وحيد يربطها بمدينة حلب، لكنه بات تحت مرمى نيران القوات التركية.

وفر المئات في اليومين الأخيرين من عفرين، فيما وقفت سيارات وشاحنات في صف طويل بانتظار السماح بمنحها إذناً للمغادرة من دون أن تتمكن من ذلك.

وانقطعت خدمات المياه والكهرباء عن عفرين إثر سيطرة القوات التركية على سد ميدانكي، المزود الرئيسي لها.

وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، يعتمد سكان مدينة عفرين حالياً على ستة آبار غير معقمة ما يعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر المياه.

كما انقطعت منذ أيام الاتصالات وشبكة الإنترنت إثر استهداف الأتراك أبراج البث. ويكتفي السكان حالياً باستخدام الإنترنت الفضائي.

في أحد شوارع المدينة التي تؤوي حالياً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، نحو 350 ألف شخص، يتجمع مدنيون حول شاحنة صغيرة للهلال الأحمر الكردي للحصول على حفاظات للأطفال ومواد غذائية.

ودفع الهجوم التركي عشرات الآلاف من المدنيين للنزوح من بلداتهم وقراهم الحدودية مع تركيا، وتوجه جزء كبير منهم إلى مدينة عفرين.

ونتيجة الاكتظاظ، باتت عائلات عدة تتشارك منازل صغيرة، ومنهم من لجأ إلى الأقبية ومنازل قيد الإنشاء، بينما ينام آخرون في شاحناتهم وسياراتهم.

ومنذ بدء الهجوم، دخلت قافلة مساعدات أممية واحدة إلى منطقة عفرين مطلع الشهر الحالي تكفي 50 ألف شخص فقط.

وتقول الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في مقاطعة عفرين هيفي مصطفى لوكالة فرانس برس "الوضع الإنساني مأساوي برغم جهودنا".

وتنسحب المعاناة أيضاً على المرافق الطبية التي تشهد نقصاً في الأدوية والمستلزمات الطبية والكادر الطبي.

وتوضح مصطفى "أحياناً يفقد جرحى حياتهم بسبب النقص في المواد الطبية".

ويبدي المسؤولون المحليون قلقهم إزاء تداعيات أي اقتحام تركي للمدينة جراء الاكتظاظ.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء إنه يأمل في سقوط مدينة عفرين "بحلول هذا المساء". وأضاف في حديث لمسؤولي إدارات محلية في أنقرة أنه يجري إخراج المدنيين من عفرين في سيارات تنقلهم عبر ممر خاص، في الوقت الذي تتقدم فيه القوات التركية أمام المقاتلين الأكراد في هجومها الذي بدأته منذ ما يقرب من شهرين. ورد الأكراد على الرئيس أردوغان بأن سقوط عفرين الليلة «أحلام يقظة».

ويقول المستشار الإعلامي لوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين ريزان حدو لفرانس برس «الوضع حالياً كارثي»، مضيفاً "هناك ضعف من الإدارة الذاتية في التعامل مع الأزمة، قد يكون ناتجاً عن قلة الإمكانيات أو كونها لا تملك الخبرة الكافية".

ويتصدى المقاتلون الأكراد الذين أثبتوا فعالية في قتال تنظيم داعش، للهجوم التركي، لكنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل مع قصف جوي.

وفي سياق متصل قتل عشرة مسلحين موالين لنظام الأسد اليوم الأربعاء جراء غارات تركية استهدفت حاجزاً لهم على الطريق الوحيد المؤدي من مدينة عفرين باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس «استهدفت غارات تركية فجراً حاجزاً لمقاتلين موالين للنظام، يقع جنوب شرق مدينة عفرين على الطريق المؤدي باتجاه بلدة نبل، ما تسبب بمقتل عشرة مقاتلين على الأقل»، بعد حصيلة أولية أفادت بمقتل تسعة.