-A +A
سعيد السريحي
لوحة الجرونيكا التي رسمها بيكاسو بقيت شاهدا على مأساة تاريخية وعارا قوميا، أما المأساة التاريخية فهي تدمير قرية جرونيكا على رؤوس سكانها خلال الحرب الأهلية الطاحنة التي شهدتها إسبانيا أواخر الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي واستمرت ثلاث سنوات، وراح ضحيتها ما يزيد على نصف مليون قتيل، وأما العار القومي فذلك لأن الطيران الألماني هو من قام بتدمير تلك القرية وذلك حين طلب حاكم إسبانيا الجنرال فرانكو من هتلر المساعدة في قمع حركة التحرر التي أشعلت فتيل تلك الحرب.

التاريخ يعيد نفسه وجرونيكا تولد مرة وأخرى وثالثة على الأراضي السورية والديكتاتور فرانكو يبعث من جديد تحت مسمى بشار الأسد، غير أنه في هذه المرة يستعين بقوتين لا قوة واحدة وبهتلرين لا هتلر واحد، يستعين ببوتين وطائراته الحربية وخامنئي وميليشياته وفيالقه لضرب الأراضي السورية وتقويض المدن السورية على رؤوس ساكنيها من الشعب السوري، تاركا التاريخ يسجل عارا قوميا جديدا يبدو معه عار جرونيكا بسيطا ومتواضعا.


والعار لا يلاحق الرئيس السوري في الحرب التي يخوضها ضد أبناء شعبه وإنما في المحادثات التي تطيل أمد الحرب كذلك، فإذا كانت القضية سورية بحتة تدور في بلد طالما تغنى زعماؤه ببعده القومي وأصالته العربية فقد انتهى أمره إلى أن يتفاوض حوله ويتفق عليه الروسي والتركي والفارسي يحددون سياسته وشروط سلمه وحربه وتحديد أصدقائه وخصومه، بينما هو غارق ومستغرق في فشله في الحفاظ على أمن شعبه في السلم والحرب معا.