-A +A
هاني الظاهري
أحسنت وزارة الثقافة والإعلام صنعاً عندما دمجت عدداً من الفعاليات الثقافية مع معرض الرياض الدولي للكتاب، وستُحسن أكثر برأيي إن توسعت في هذا الجانب وقدمت حفلات موسيقية وعروضاً سينمائية عالمية ومسرحيات ولقاءات حوارية مفتوحة داخل المعرض بين الزوار ورموز الثقافة والأدب والفن والتاريخ الذين يشاركون بنتاجهم فيه.

لقد تجاوز الزمن الشكل التقليدي لمعارض الكتب، ولم تعد مجرد أسواق لتصريف الورق المتكدس في مستودعات دور النشر، هذا بجانب أن الكتاب الورقي فقد الكثير من شعبيته في ظل الثورة الرقمية، وأغلب الظن أنه في الطريق لذات المصير الذي وصلت إليه «أشرطة الكاسيت»، ولو أن جهة في أي بقعة في العالم اليوم قررت أن تدشن معرضاً لشريط الكاسيت فسيصنف كمعرض تراثي قادم من الزمن الجميل لا أكثر.


معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد العواد يدرك برأيي ما أشرت إليه فهو مسؤول يحمل على عاتقه مهمة تطبيق برامج رؤية 2030 في وزارته، كما أنه متفاعل إلكترونيا ولديه حسابات في شبكات التواصل، وهو أمر جيد يرفع سقف طموحات المثقفين والفنانين والكتاب المتعلقة بوزارته، ولذلك أتمنى أن يطرح على فريق عمله السؤال الذي عنونت به هذه المقالة، ليؤسس لجلسات عصف ذهني تطرح جميع الإجابات المحتملة وغير المحتملة وتضع الحلول المفترضة لكل مشكلة تحملها أي إجابة، فبهذه الطريقة فقط يمكننا مواكبة التغييرات العصرية التي طرأت وستطرأ على كل ما يتعلق بالثقافة والإعلام في بلادنا.

شخصيا كنت أتمنى أن تشترط الوزارة على دور النشر المشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام أن تقدم نسبة معينة من الكتب الإلكترونية ضمن معروضاتها لا تقل عن 30 % من إجمالي المعروض، على أن ترتفع هذه النسبة خلال الثلاث سنوات القادمة لتصل إلى 100%، بحيث يمكن لأي زائر للمعرض أن يحصل على نسخة إلكترونية من أي كتاب يرغب في اقتنائه، ويمكن أيضا للوزارة تشجيع صناعة جديدة عبر إيجاد وحدات متعددة في المعرض مهمتها تحويل أي كتاب ورقي إلى إلكتروني بالاتفاق مع الناشرين لتسهيل الأمر على بعض دور النشر ذات الإمكانات المحدودة.

من جانب آخر وحتى يصبح المعرض تظاهرة ثقافية سياحية كبرى وأكثر عصرية يُفترض أن تسبق الوزارة غيرها وتعمل جديا على تأسيس أكبر مقهى ثقافي دولي داخل المعرض وتسوّقه سياحيا بشكل مستقل، مع تدشين عدد من المقاهي الثقافية الفرعية الموزعة على مدينة الرياض لتصبح ملتقيات حقيقية للحوار والتبادل المعرفي الذي تُشد له الرحال من دولة إلى أخرى ومن مدينة إلى مدينة، ويمكن أن تتعاون في ذلك مع المقاهي الموجودة الآن بالتفاهم مع هيئتي السياحة والترفيه وبقية الجهات المختصة، فالهدف الأكبر الذي يدفع كثيراً من جيل اليوم لزيارة معارض الكتب ليس شراء الورق، بل الاحتكاك بالمهتمين والتبادل المعرفي في جو ثقافي سياحي متفرد.