-A +A
سعيد السريحي
برنامج الابتعاث الخارجي مستمر، تلك بشرى أكدها وزير التعليم لأولئك الطلاب والطالبات الذين ينتظرون أن يحظوا بما حظي به زملاء وزميلات لهم سبقوهم إلى الابتعاث، والابتعاث خيار استراتيجي للمملكة، كما قال الوزير نفسه، وهو خيار تتجاوز أهدافه البعد العلمي والتعليمي المتمثل في حصول المبتعثين والمبتعثات على أرقى الشهادات من جامعات عالمية، ذلك أن جوهر الابتعاث إنما هو إعلان الانفتاح على العالم، وما يترتب على ذلك من اعتراف بالآخر بصرف النظر عن معتقده وجنسه ونظامه، وإدراك أن المشترك الإنساني بين مختلف الشعوب هو الأصل الذي تنبني عليه العلاقات وتراعى من خلاله المصالح المشتركة، وعلينا أن نتذكر ذلك التلازم الذي جمع في فترة واحدة بين تسلط الصحوة والتشدد وما كانت تحاول بثه من روح العداء للآخر وتقليص الابتعاث حتى أوشك أن يكون استثناء لا يتم إلا إلى دول محددة وفي تخصصات علمية بحتة معينة.

والابتعاث ليس تعريفاً لأبنائنا وبناتنا، ومن ثم نحن جميعاً، بالعالم من حولنا، بل هو تعريف للعالم جميعه بنا، بعد أن بقينا عقوداً معزولين عنه وهو معزول عنا، لا يعرف عنا غير ما يتركه قلة ممن يرودون بعض العواصم للسياحة من صورة لا تبدو زاهية وصادقة في أغلب الأحيان، أو ما تنشره وكالات الأنباء من أسماء بعض من غرر بهم من أبنائنا فخرجوا لمواطن الفتنة والقتال.


الابتعاث وفر مئات الآلاف من النماذج التي مثلها أبناؤنا وبناتنا المبتعثون ومن خلالهم يمكن للعالم كله أن يعرف أننا شعب مثل بقية الشعوب نتطلع إلى أن يعم السلام والحب والتسامح أرجاء العالم، ونحرص على أن تنبني علاقاتنا بالعالم على الاحترام المتبادل ورعاية المصالح المشتركة.