ضيف فهد
ضيف فهد
-A +A
علي فايع (أبها) alma3e@
يرى ضيفنا أنّ كثيرين من مبدعينا توقفوا عن القراءة منذ أمد بعيد، كما يؤمن بأن ما يكتبه عصيّ على التصنيف وأنه يكتب ليعلّم نفسه ومن يرغب من جيرانه الكتبة، يلبّي دعوات المؤسسات الثقافية الرسمية، ومصرّ على الطباعة في الأندية الأدبية، لكنه في الوقت ذاته يميل إلى التعامل مع الأمر الأدبي والثقافي من الخارج، ويحرص كما يقول بشكل مبالغ فيه على أن لا يفقد هذا الأمر متعته بالنسبة له، لأنّ لديه شعوراً بأنّ تكوين علاقة مع مؤسسة ثقافية قد يؤدي في النهاية إلى فقدانه هذه المتعة. لم يكتب الرواية لأنه لم يجد الموضوع كما يقول، ويرى أن «تويتر» لا يصنع قارئاً جاداً.. الكثير من الآراء للقاص «ضيف فهد» في هذا الحوار:

• هناك من يرى أنك لا تكتب قصّة وأنّ ما تكتبه نصوص مفتوحة فقط... هل يغضبك هذا القول ؟ ولماذا ؟


•• ولماذا يغضبني؟! أنا أعرف أن ما أكتبه عصي على التصنيف، منطقة بين مناطق كثيرة، يتداخل فيها السردي مع الشعري، القصة مع الشعر، لذا؛ أنا أعذر من يحتار في تصنيفها، لكنني في كل الأحوال اعتبرها ميزة تضاف إلى نصوصي، لا يجب علينا ترك الأمور سهلة حتى لو على مستوى التصنيف.

• لمن تكتب هذه النصوص ؟

•• كتب الموسيقار الألماني «سباستيان باخ» هذا الإهداء على كتابه «كتيبا للأرغن»: «إلى الإله العلي وحده تمجيدا له..، وإلى جاري لكي يعلم به نفسه». أظن أنني أكتب لأعلم نفسي، ولو كان هناك جيرة في الأنحاء يرون أنهم قد يشاركونني هذه الرغبة في التعلم، فأنا أكتب لهم أيضا.

• هل نجح كتاب القصة لدينا في كتابة نصوص محلية مختلفة ؟

•• هذا السؤال يغص بالنسبية؛ النجاح أمر نسبي، كذلك الاختلاف، حتى موضوع المحلية يمكن اعتباره أمرا نسبيا.. لكن، ومع الوضع في عين الاعتبار موضوع النسبية هذه، أستطيع القول وبضمير مرتاح: نعم. نجاح كتاب القصة يفوق، وبمراحل، نجاح كتاب الرواية على المستوى المحلي، درجات الإتقان والمتعة والقدرة على التجريب والابتكار، درجات مقبولة لدى كتاب القصة المحلية مقارنة بأندادهم في الأقطار العربية المختلفة. أستطيع فهم لماذا نجح كتاب القصة فيما لم ينجح فيه كتاب الرواية، لكنه سبب يطول شرحه.

• كنت تعاني مما أسميته بالمدن المقفلة في كتابة حكايتك، هل تحولت المدن المقفلة اليوم إلى مدن مفتوحة قابلة للكتابة ؟

•• لا لم أقل إنني أعاني من هذا الأمر، قلت: أحد أشكال معاناة كتاب الرواية المحليين، وأنا بالطبع لست واحدا منهم، هي هذه الطبيعة المقفلة لمدننا، ويشتمل الإقفال هذا على أمور كثيرة، لذا نجد أن كتابة رواية محلية مختلفة، أو الحلم بكتابة رواية من هذا النوع، تكتنفه الصعوبات التي حتى ربما تكون خارجة عن إرادة المبدع نفسه، شيء يشبه القدر، نحن في منطقة شعرية أكثر منها منطقة سردية، وعلينا أن لا نقاوم هذا الأمر أكثر.

• هل ما زلت تؤمن بأنّ القارئ العربي والمثقف والناقد الخارجي يشعر بهشاشة أدبائنا المحليين وضعفهم ؟

•• بالمقارنة، عربيا، نحن لسنا أضعف من غيرنا، قد نستثني موضوع الرواية، لكن في الفنون الإبداعية الأخرى قد نكون حتى متفوقين على غيرنا. المشكلة أنه يتم تصدير شكل واحد من الإبداع (الرواية) إلى القارئ العربي في الغالب، والمشكلة الأكبر أنه يتم تكريس أسماء محددة فقط، وعندما يصدم القارئ والناقد العربي بهشاشة وضعف هذا المنتج، لن يكون بوسعنا وقتها أن نلومه على شعوره بهشاشة هذا الأدب.

• هل ما زالت أعمال «عواض شاهر» تشكل لك متعة ؟ ولماذا ؟

•• نعم، وإلى حد كبير.. لماذا هذه تعود إلى الطبيعة الإبداعية التي يتميز بها عواض، وليست الطبيعة فقط، وإنما ما تتغذى عليه هذه الطبيعة. عواض، وأنا أعرفه عن قرب، قارئ كبير، قبل أن يكون كاتبا، وهذا أمر يختلف فيه مع كثير من مبدعينا، الذي يبدو أن معظمهم توقف عن القراءة منذ أمد بعيد، وهذا ينعكس، دون أن يحتاج الأمر إلى فطنة واسعة، على نتاجهم. عواض لن يفقد قارئه. ولن يغير هذا القارئ رأيه بسهولة في عواض. صحيح ربما لا ينال دائما الدرجة الكاملة من هذا القارئ، لكن القارئ النوعي الذي يصادف عملا لعواض العصيمي، سوف يعود دائما لقراءته وهو يشعر أنه لن يخيّب أمله.

• نصوصك قابلة للتأويل إذ لا توجد فيها نهايات.. هل تتعمد الكتابة بهذه الطريقة إيماناً بالاختلاف في الكتابة القصصية أم من أجل قارئ مختلف؟

•• أنا أكتب دون أن أضع في ذهني أمراً آخر خارج الكتابة نفسها، ولا أعرف كيف سيكون شكلها ولا تصنيفها ولا نهاياتها حتى لحظة إنجازها.

• لك ثلاث مجموعات على مستوى الطباعة، بين كل واحدة والأخرى 4 سنوات.. ما الذي اختلف في الكتابة لديك بين كل مجموعة وأخرى ؟

•• هذا سؤال يوجه للقارئ، أو الناقد لو كان هناك من يهتم بالإجابة على مثل هذا السؤال، لكن وعلى المستوى الشخصي أنا دائم في محاولة لتجريب أشكال مختلفة من الصياغات والأفكار والموضوعات.

• نصوصك القصصية كثيرة الأسئلة والتأملات وأحياناً هناك تشظّ في حركة النصّ.. هل من غابة ترمي إليها أو رسالة تبعثها في هذه النصوص؟

•• نهائيا، بالمرة، وأنا أكتب، لا أفكر في أمر غير المتعة التي تخلقها الكتابة، بقية الأمور استنتاجات تلقّي وقراءة.

• طبعت مجموعاتك الثلاث في أندية أدبية.. كيف هي علاقتك بالأندية الأدبية بشكل عام ؟ وهل قدمت ما يستحق الذكر للأدباء الشباب ؟

•• لا توجد علاقة لا بشكل عام ولا بشكل خاص، وليس في الأمر تسجيل موقف من أي نوع، محدودية هذه العلاقة عائد لطبيعتي الشخصية؛ إذ إنني أميل إلى التعامل مع الأمر الأدبي والثقافي من الخارج، أحرص بشكل مبالغ فيه على أن لا يفقد هذا الأمر متعته بالنسبة لي، ولدي شعور، ربما لا أكون محقا فيه، لكنني متمسك به، تكوين علاقة مع مؤسسة ثقافية قد يؤدي في النهاية إلى فقداني هذه المتعة. لكنني وفي حدود هذه المساحة أتعامل مع الأندية الأدبية، مُصر على الطباعة معهم، أحضر عند دعوتي، وأتمنى لهم التوفيق في كل وقت.

• لماذا لم تكتب الرواية إلى الآن ؟

•• لم أجد بعد الموضوع، كل ما أود قوله يمكّنني هذا الشكل الذي أكتب به حاليا من قوله، لدي ألفة مع ما أعتاد، ولا أود تجريب أداة خطيرة إلى هذا الحد دون أن أكون مضطرا لذلك.

• ما بين المنتديات قديماً ووسائل التواصل الحديثة اليوم، هل اختلف المتلقي القارئ والكاتب؟

•• بالتأكيد حدث اختلاف، أصبح الأمر يفتقد إلى الجدية، وربما حتى إلى الشغف. هذا أمر يمليه اختفاء هذه المساحة المتخصصة والجامعة. الكتابة في هذه المدونات اللحظية، تويتر مثلا، لا يصنع قارئا جادا؛ ذلك القارئ الذي يكون النص هو عتبته الأولى للبحث والتقصي والإضافة، وفي خطوة تالية، لو كان يمتلك الموهبة، إلى المحاولة. لكن هذا لا يمنع أنه حتى الوسائل الحديثة هناك مجال لشيء من الجدية والمعرفة.