-A +A
حمود أبو طالب
خبر قصير تم نشره أمس الأول، لكنه أصبح بسرعة خبراً مهماً احتفى به الكثير في مواقع التواصل الاجتماعي لما تضمنه من دلالة ومعنى، وربما لم يبالغ البعض عندما وصفوه بأنه أحد أهم أخبارنا الثقافية والفكرية والتعليمية في مرحلتنا الجديدة. يقول الخبر إن وزير التعليم دشن الكتاب الشهير للدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- «حياة في الإدارة» ليكون مقرراً على طلبة المرحلة الثانوية في مادة المهارات الإدارية، وبهذا يكون غازي القصيبي قد دخل تعليمنا ومقرراتنا لجيل جديد من الشباب، نعم غازي القصيبي ما غيره، ذلك العملاق في كل شيء، الشعر والفكر والثقافة والإدارة والابتكار والإبداع والوطنية والأخلاق والنزاهة والشجاعة والترفع عن الصغائر والحِلم والصبر الجميل على الأذى. غازي القصيبي رجل الدولة الاستثنائي، مالئ الدنيا وشاغل الناس في كل موقع شغله، والذي تعرض لحملة ممنهجة شرسة ظالمة وغير أخلاقية من تيار مناوئ لفكره المستنير ووطنيته العالية، هدفها تدمير سمعته وتصفيته معنويا وترسيخ صورة ذهنية مشوهة عنه، واجهها بمنتهى النبل والمروءة والرجولة، دون السقوط إلى مستوى من هاجموه.

الارتياح لم يكن من أجل غازي القصيبي فحسب رغم استحقاقه لذلك، وإنما لبداية النهاية لمرحلة تغييب الرموز الوطنية عن ذاكرة الشباب، وطمسهم كقدوة، وإزاحتهم من تأريخنا الوطني، والاستعاضة عنهم بشخصيات غريبة غائرة في أزمنة سحيقة لا علاقة لها بمقتضيات الحاضر ولا بالوطن، بعضها لا يخلو تأريخها من الالتباس الكبير فكرياً والخطورة على تكوين الشباب وطنياً، حشروها في المقررات ورسخوها في المناهج واحتفوا بها في مكتبات المدارس والجامعات، وكأن الوطن لم ينجب رموزا في كل مجال جديرة بأن تكون قدوة حقيقية.


البهجة الحقيقية أن الذاكرة الوطنية بدأت تستفيق وتنشط بإنصاف رموزها ولو في وقت متأخر، وربما يكفّر هذا عن الظلم الذي ألحقناه بهم. وإننا لمنتظرون استعادتهم في تأريخ جيلنا الحاضر وما يتلوه من أجيال.

وشكراً يا وزارة التعليم.

habutalib@hotmail.com