-A +A
مها الشهري
قبل أيام شهدنا أخبارا عن هروب فتاتين من دار الضيافة التابع للتنمية الاجتماعية في جدة، وفي سياق الحديث يأتي خبر عن أب لفتاة يرفض استلامها من السجن بعد قضاء محكوميتها ويهدد بقتلها في حالة تم إخراجها حتى ولو كانت الوجهة إلى دار الضيافة.

من الجيد أن نعتبر دار الضيافة من أهم المؤسسات التي تكفل الحياة الكريمة لمن يحتاج إليها، وفي هذه الحالة يفترض ألا ينطبق عليها حال السجون، حيث تفرض الإقامة فيها قسرا على فتيات بالغات سن الرشد ومسؤولات عن تحديد مصيرهن سواء أردن الإقامة في هذه الدار أو غيرها، بينما إذا أرادت الفتاة بلوغ هذا الحق تُعامَل كمجرمة هاربة يقتضي الأمر البحث عنها وإعادتها، فلا ينبغي النظر إلى الخطأ كمبرر لهذا الحصار، لأنه حتى المجرم له حقوق.


في قضية الأب وابنته الذي كان من المفترض أن يتم التعامل معه كمجرم صدر منه التهديد بقتل ابنته علنا لدى القاضي كجريمة لها إسنادها القانوني المعترف به، ظنا منه أنه يمتلك هذا الحق في تحديد مصيرها، لكن القاضي يتقاسم معه هذه الملكية فلديه الصلاحية بإحالتها إلى دار الإيواء إذا لم يرغب «وليها» باستلامها، لم يشعر هذا الأب أو غيره من الآباء والأسر الذين يرفضون استلام بناتهن عند انقضاء محكومياتهن في السجون بالمسؤولية تجاه الإنجاب وما يوقع الأبناء في الجرائم، وواجبات الدور الأسري لتجاوز تلك المراحل في سبيل التصحيح.

كل أسرة رسبت في التربية كان أبناؤهم بالنتيجة قد وقعوا في مشكلات أخلاقية، قد تعاني الفتاة من مرارة الأمر أكثر من أخيها، وبطبيعة الحال «ما يعيب الرجال إلا جيبه» حسب القوانين التي ليس لها صلة بالتحضر الإنساني، بالمقابل ليس هناك من يحاسب الأسرة على تقصيرها أو يعرفها بأن الخطأ المبدئي ناتج عن قصورها الوظيفي في التربية، لا يوجد إلزامات قانونية من قبيل الولاية التي يفرضونها، لا يوجد سوى التعزيز لكل فكرة سلبية مؤداها التخلص مما يشوب السمعة حتى ولو كان في ذلك مخاطرة بحياة الفتاة.

محور الحديث هي المرأة وحقها في تقرير مصيرها بعد بلوغ سن الرشد، وألا تترك ضحية لأسرة عجزت عن احتوائها، وضحية لأخطائها التي وجدت فيها متنفسا من الضيق والتشدد، فيما لا تجد طريقا لتصحيحها بغير الإجراءات التعسفية والتدخل في شأنها والإغلاق عليها بين أربعة جدران.

ALshehri_maha@