-A +A
هاشم عبده هاشم

* إخراج القوى الموجودة في سورية وغيرها لتحقيق السلام

* لن نقبل التدخل الإيراني في شؤون المنطقة


* بناء قوة رادعة.. بالتعاون مع الدول الصديقة وبسواعد أبنائنا

* حان الوقت لترجمة أحلام الأمير محمد بن سلمان إلى واقع ملموس

* لدينا ما نقوله لأصدقائنا لبناء اتفاق موحد تجاه إيران وبرنامجها النووي

* على الدول الأخرى أن تدرك أن مصالحها معنا أكبر من مصالحها مع الغير

* لن نترك اليمن وشعبه فريسة لإيران وسياساتها التوسعية

* مستعدون للعمل مع الأشقاء لإحياء عملية السلام بالمنطقة



•• تجيء زيارات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لكل من القاهرة ولندن وباريس وواشنطن خلال الأيام القليلة القادمة بمثابة قوة دافعة للسياسات والمواقف والأحداث الراهنة في منطقة الشرق الأوسط والعالم.. وذلك بعد أن شهدنا العديد من المتغيرات الملفتة في الآونة الأخيرة، وهي متغيرات تتطلب تحريكاً أفضل لتلك القضايا تحقيقاً للأمن والاستقرار المنشود في منطقتنا وتجنّب حالة الركود أو التراجع.. وتقفز فوق العقبات التي تعترض طريق العمل المشترك على الأصعدة كافة.

•• وإذا كان هناك من قاسم مشترك تجتمع عليه المملكة وهذه الدول وغيرها من الدول التي سوف تشملها هذه الجولة فهو: السعي إلى السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة والعالم.. بدءاً بمحاربة الإرهاب والتطرف بكل صوره وأشكاله.. ورفض كل شكل من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتهديد السلامة الوطنية للدول والشعوب الآمنة.. ووضع حد للمغامرات والمقامرات التي تتهدد أمن وسلامة المنطقة والعالم متمثلاً في كل من إيران وكوريا الشمالية وكل من لف لفهما.

•• وكما هو واضح ومعروف.. فإن مواقف المملكة من هذه القضايا حازم وحاسم وإنها لا تتردد في وضع يدها في يد كل من يتفق معها في مواجهة الأخطار الناشئة عن تلك السياسات والممارسات غير المسؤولة، بكل ما تسببت وتتسبب فيه من قتل وسفك دماء وأعمال بربرية.. كما يحدث في سوريا.. أو اليمن.. وكما تتضرر منه أوطان أخرى كالعراق، وليبيا، ولبنان، والصومال، وبعض الدول الأفريقية الأخرى. وكما تتعرض له الشقيقة الكبرى جمهورية مصر العربية، من خلال الحرب التي يخوضها أبناؤها في سيناء بمواجهة الإرهاب المدعوم من قبل أعداء هذه الأمة سواء في داخل الإقليم أو من خارجه.

•• والمملكة وهي تتبنى هذه السياسة وتتحرك بفعالية لتطويق تلك الأخطار بما تجريه من اتصالات دائمة مع قادة دول العالم وهيئاته ومنظماته بمتابعة دقيقة من قبل الأمير الشاب والقوي محمد بن سلمان.. فإنها تؤكد من جديد على الأمور التالية:

6 قضايا.. تنتظر الحسم

•• أولاً: إن الوقت قد حان لإغلاق ملف ما كان يسمى «بالربيع العربي» بعد أن تكشفت جميع أوراقه وعُرف صانعوه وفُضحت أدواته.. وأجهض بمخططه في أكثر من دولة ومكان وموقع.. وآخرها في العراق الشقيق الذي تخلص وللأبد إن شاء الله، من مؤامرة كبيرة على أمنه وسلامته واستقراره وسيادته.. وبات علينا جميعاً أن نقف إلى جواره حتى يسترد كامل عافيته ولا تعود إلى الواجهة فيه تلك العناصر التي مدت يدها إلى الغرباء وعرّضت أمنه وسلامة أبنائه للموت وللتدمير.

•• ثانياً: وإن اللحظة الحاسمة قد أزفت للحفاظ على هوية اليمن الشقيق، اليمن العربي الإسلامي الأصيل، وقطع دابر التمدد الإيراني الخبيث فيه.. وإعادة اللحمة إليه، وتجنيبه مغبة كارثة بالغة الخطورة، وذلك بإنهاء دور عملاء إيران «الحوثيين» بداخله، والحفاظ على مقومات الدولة.. وثقافة البلد.. واسترداده بالكامل لما فيه خير أبنائه.. ومصلحته.. وسلامة منطقته.. والانتقال به من حالة التفكك والتمزق والانقسام والضياع إلى حالة الوئام.. والالتفاف حول بعضهم البعض.. في ظل دولة موحدة.. وقادرة على الانطلاق نحو مستقبل أكثر أماناً وتقدماً ضمن منظومة أبناء الجزيرة العربية والخليج الجديدة، كما يُرسم لها في المنظور القريب والمبهر -بإذنه تعالى- وعلى يد قيادة هذه البلاد، المرسومة بعناية فائقة.

•• ثالثاً: وإن الوضع المقلق في سوريا الآن.. وغير المقبول على الإطلاق.. يستوجب عملاً مسؤولاً يشارك فيه الجميع، بدءاً بالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية ودول أوروبا الغربية ودول المنطقة العربية الساعية إلى تحقيق الاستقرار في البلد الشقيق لوضع حد لأي وجود خارجي من أي نوع كان في سوريا.. كمطلب أساسي للشعب الشقيق الذي تعرض لمآسٍ لم يتعرض لها شعب آخر في العالم في طول التاريخ وعرضه. وأن من حق هذا الشعب أن يحكم نفسه.. في إطار السيادة الكاملة وغير المنقوصة تحت أي مبرر يكون.

وأنه لكي يتحقق ذلك، فإنه لابد من أن تتوافر إرادة دولية تمكن هذا الشعب من الحصول على أبسط حقوقه في أسرع وقت ممكن.

وليس سراً أن أقول إن اتصالات الأمير محمد بن سلمان على مدى السنتين الماضيتين بمختلف الأطراف الإقليمية والدولية ومنها هذه الجولة الهامة قد سعت وستسعى إلى الوصول إلى هذا الهدف.. لأنه لا معنى لوجود أجنبي على أراضٍ عربية بعد اليوم.. إذا أردنا لهذه المنطقة أن تنعم بالسلام والأمن اللذين افتقدتهما منذ العام 2011م، بصورة أكثر تحديداً وحتى اليوم.

•• رابعاً: إن على دول العالم أن تحسم فوراً قضية الاستخدام الخطير للأسلحة التدميرية المحرمة دولياً وبصورة حازمة، وأن تضع حداً لجميع الممارسات الخطيرة التي تقوم بها إيران وأمثالها.. على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي.. وتحت طائلة الاتفاق النووي الذي وقعته مع الدول (5+1) وقدمت المملكة البراهين والوثائق الدولية الكافية على ما تقوم به إيران في سوريا واليمن ومن تستعين بهم من أعوان في لبنان واليمن وسوريا وفي غيرها، لتحقيق مخططها التوسعي.. واستهداف دول الإقليم بالصواريخ طويلة المدى وبالقنابل العنقودية المحرمة دولياً من قبل صنائعها في كل مكان وصلت إليه.. وسخرت بعض أدواتها فيه لتهديد السلامة العامة لدولنا وشعوبنا.

ولا نظن بأن الانتظار لمدى أطول سوف يخدم أمن واستقرار دول المنطقة وشعوبها.. وهو ما يجب أن تحرص عليه جميع دول العالم وفي مقدمتها الدول الموقعة على الاتفاق المشار إليه.. مهما كانت المبررات التي سوغت وتسوغ لعملية الصمت على كل ما جرى ويجري حتى الآن.

•• خامساً: إن المملكة العربية السعودية اليوم وغداً بتصوراتها النهضوية الشاملة في الداخل كما رسمها الأمير محمد بن سلمان في ظل قيادة المليك الحكيم.. وفرت وتوفر حجماً ضخماً من فرص الاستثمار الحيوية الضخمة في بلادنا لكل الدول الراغبة في العمل معنا، ليس فقط من أجل تطوير بلادنا.. وتحقيق تطلعات شعبها الوفي لقيادته.. وإنما من أجل تنمية وتطوير الدول الصديقة الأخرى التي تُراعي مصالحنا أيضا، وتحسب حساباً صحيحاً ودقيقاً لحجم هذه المصالح معنا.. مقارنة بمصالحها المتحققة مع الغير من داخل هذا الإقليم.

ونحن متأكدون بأن الدول الصديقة تُدرك أن مصالحها معنا كبيرة.. وأنها واعدة بالنمو المتصاعد وأن بعضها مرتبط بأمنهم ومستقبل بلدانهم أيضاً.. ولعل أكبر الشواهد على ذلك هو ما نتنباه من سياسات نفطية متوازنة همها الأول والأخير هو الحفاظ على هذه الثروة واستمرارية تدفقها وتأثيرها الإيجابي في اقتصادات دول العالم وشعوبه.. بالرغم مما نقدمه نحن السعوديين من تضحيات كبيرة في هذا الصدد؛ لأننا ندرك أهمية ترابط مصالحنا ومصالحهم مع بعضها البعض.

بالإضافة إلى ما نحن بصدد تنفيذه من مشروعات هائلة.. وما نقوم به من تغييرات جوهرية في أنماط الفكر السائد في المنطقة والعالم.. لصالح قيام مجتمعات إنسانية تنعم بالأمن والسلام والمحبة والتسامح.. تحقيقاً للمزيد من الرخاء في هذا العالم.

مصالح الآخرين معنا

وإلى جانب كل ذلك، ما نقوم به من مشروعات في مختلف أرجاء وطننا.. يمكن لكل الدول الصديقة أن تُشارك فيها وتحقق من ورائها مكاسب لا حدود لها مع بلد كل ما فيه آمن.. ومستقر.. وواعد بالمزيد من الإصلاحات الخلاقة إن شاء الله تعالى.

•• ومن الصعب أن نقبل مقولة «أن تردد البعض في اتخاذ مواقف قوية من دولة أو أكثر تحاول العبث بأمن واستقرار المنطقة.. يرجع إلى تعاظم مصالحها مع هذا الطرف أو ذاك.. مقارنة بمصالحها مع المملكة العربية السعودية، التي تملك أحد أقوى الاقتصادات في المنطقة.. والعالم، وهو ما شهدت به «منظومة الدول العشرين» التي نحن إحدى دولها».

•• سادساً: إنه لا وقت لدينا في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية.. وجمهورية مصر العربية للانشغال بقضايا جانبية.. وإن كنا لا نتجاهل مظاهر التهديد لأمن وسلام المنطقة الصادرة من بعض البؤر الإقليمية الصغيرة.. وذلك لأننا مهمومون بقضايا تنمية وتطوير أوطاننا والحفاظ على أمنها وسلامة شعوبها. وبالتالي فإنه لا وقت لدينا للتوقف طويلاً عند بحث ما يصدر عن تلك البؤر، وأن علينا بدلاً من ذلك أن نغلق كل الأبواب المؤدية إلى إرباك المسيرة القوية في عملية البناء وترسيخ قواعد الاستقرار والتنمية.. وتنظيف المنطقة من تلك البؤر والنتوءات.. لتركيز الجهد على كل ما له علاقة بمستقبل دولنا وشعوبنا بما في ذلك إعادة النظر في المنظومات الإقليمية الحالية.. وتجديدها.. وتطويرها.. وابتكار صيغ جديدة تتسق مع طموحات دولها وشعوبها الجديدة.. مواكبة لمرحلة التغيير الشامل التي نشهدها الآن.. ويشاركنا فيها إخوة أشقاء طامحون مثلنا.. وراغبون في تحقيق هذه النقلة النوعية في الصيغ السياسية الراهنة وتحديثها مجارات لمنهجية التفكير الجديد التي اخترنا.. ونسير فيها الآن.

•• هذه الأمور وغيرها مما يشغل أذهان القيادة لدينا.. ويدفعها إلى هذا التحرك الهام.. في هذا الوقت بالذات.. يرسم لنا أهمية هذه الجولة التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى دول مهمة.. وكذلك جولاته القادمة أيضا لزيارة دول عربية وعالمية أخرى.. لأن العمل من أجل المستقبل بالسرعة الكافية.. يتطلب تحركاً قوياً.. وفاعلاً.. وفي كل اتجاه.

•• وبصورة أكثر تحديداً، فإن زيارة مصر.. تمثل ركيزة مهمة نحو المزيد من التنسيق وتوحيد الرؤى.. وتضافر الجهود.. بالتعاون مع الدول الأخرى الشقيقة والصديقة.. لاسيما في هذا الوقت بالذات الذي تستعد فيه مصر لانتخابات رئاسية جديدة من شأنها بإذن الله أن تدعم التوجهات الرامية إلى تحقيق المزيد من الاستقرار لمصر والنهوض بها.. وتأمين سلامة شعبها.

دعم سياسي قوي لمصر

•• والمملكة ومصر، متفقتان على جميع الخطوط الرئيسية.. وتعملان معاً على التنسيق المستمر مع الدول الصديقة وصولاً إلى التأمين الكامل للمنطقة ضد كل المهددات لأمنها وسلامة شعوبها.

•• وسوف تساهم جولة الأمير محمد بن سلمان الحالية في بعض دول أوروبا وأمريكا على دعم التوجهات المصرية البناءة نحو محاربة الإرهاب.. وتحسين الواقع العربي.. والدفع بعملية السلام بالمنطقة نحو المستقبل الأفضل.. وهو ما تنتظره تلك الدول من دولتين كبيرتين من دول المنطقة «المملكة ومصر العربية».

•• وبكل تأكيد.. فإن المراقبين يتابعون مدى التطور الذي طرأ على العلاقات السعودية - البريطانية في الآونة الاخيرة، ولاسيما بعد زيارة رئيسة الوزراء «تيريزا ماي» ووزير الخارجية «بوريس جونسون» للرياض.. وما عكسه هذا التواصل من تعاون وتنسيق كبير في المواقف سواء في داخل بريطانيا أو في الأمم المتحدة أو العديد من الهيئات والمنظمات التابعة للمنظمة الدولية.. وكلها تؤيد المملكة العربية السعودية وتشيد بمواقفها وسياساتها في المنطقة، والعالم وتناهض سياسات وممارسات إيران في الإقليم.. وتفكر بجدية في مراجعة الاتفاق النووي في ضوء المعلومات الدقيقة التي طرحتها المملكة أمام أنظار العالم.

•• وليس الأصدقاء في فرنسا بعيدين كثيراً عن ذلك أيضا.. بعد أن شهدت مواقفهم تطوراً ملحوظاً يقترب -إلى حد كبير- من سياساتنا ومواقفنا مما يجري في سوريا.. وما يحدث من إيران فيها أو في اليمن.. بعد أن كانت هناك مواقف مبدئية أقل وضوحاً مع بداية تسلم الرئيس «ماكرون» لمهامه كرئيس للجمهورية الفرنسية.. لكن تواصلنا المستمر والقوي مع لندن وباريس مهد لإتمام هذه الزيارة وتحقيق أهدافها بعيدة المدى.

إحياء عملية السلام

•• أما بالنسبة لواشنطن.. فإننا لا نزال نذكر زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان لها في بداية عهد الرئيس «ترمب» لها.. ولقائه معه.. ودعوته لزيارة المملكة.. وهي الزيارة التي تزامنت مع عقد القمة الدولية في الرياض العام الماضي، وحضرها أكثر من أربعين زعيماً في هذا العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي ترمب.. والذي تمت خلالها إبرام ميثاق دولي في محاربة الإرهاب والتصدي لكل شكل من أشكاله.. وتبنى بعدها الرئيس الأمريكي مواقف قوية ومتشددة من كل الدول والأطراف التي تخرج على هذا الميثاق.. كما كرر الإشادة بالمملكة وسياساتها وتوجهاتها في كل الزيارات التي قام بها لدول أخرى في هذا العالم.

•• وما يربط المملكة بالولايات المتحدة كثير وكبير.. مهما تباينت وجهات النظر في بعض الأمور.

•• وما نريده منها الآن هو.. زيادة قوة الدفع لهذه العلاقات بما ينسجم مع توجهات الأمير الشاب التحديثية في البلد المحوري (المملكة العربية السعودية) بالإضافة إلى المزيد من الدعم لتوجهاتنا الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وإخراج إيران من كل من سوريا ولبنان واليمن وغيرها لتنعم منطقتنا بما هي بحاجة إليه من أمن وسلام.

•• وكما هو معروف عن موقف الرئيس «ترمب» من الاتفاق النووي مع إيران.. هو تصميمه على إدخال تغييرات جذرية عليه تحول دول استغلال طهران لفجواته والالتفاف حول بعض نصوصه والاستمرار في استخدام الأسلحة النووية لأغراض غير سلمية وتهديد الأمن والسلم في المنطقة والعالم.

•• وما نعتقد به هو أن زيارات الأمير محمد بن سلمان للعواصم لندن وباريس وواشنطن معنية بتحقيق تنسيق أفضل بين العواصم الثلاث تجاه الاتفاق النووي المشار إليه.. وهو تنسيق ضروري من شأنه أن يدفع إلى تقارب الرؤى.. وصولاً إلى تفاهم مشترك نحو التعديل الضامن لأهداف الدول الموقعة عليه بمن فيهم ألمانيا وروسيا والصين.

•• أما النقطة الثانية والأكثر حيوية والتي سوف تتطرق إلى بحثها هذه الزيارة الهامة لواشنطن فهي مستقبل عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.. وضرورة تأكيد أمريكا على مواقفها المبدئية القائمة على حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

•• والذين يعرفون الأمير محمد بن سلمان عن قرب يدركون أنه كان مهموما جداً بالأحداث والتطورات الأخيرة وبقرار الرئيس «ترمب» بجعل القدس عاصمة لإسرائيل، وعزمه نقل سفارة بلاده إليها.. وهو القرار الذي رفضته المملكة ولم تتقبله الأمة.. ولا نرى أن في تطبيقه مصلحة لعملية السلام الجوهرية..

المتاجرون بالقضية الفلسطينية

وبالتالي فإن الجهد سيكون كبيراً لإقناع الولايات المتحدة بأن تسترد دورها المحوري كراع لعملية السلام في المنطقة لنبدأ -معاً- في العمل من أجل إقرار سلام شامل يتفق عليه الفلسطينيون والإسرائيليون، بعد استئناف العملية بصورة جادة ووفق إطار مرسوم بعناية.. بمشاركتنا الفاعلة في إعداده.

•• فنحن في المملكة العربية السعودية مستعدون لبذل المزيد من الجهد على الصعيد العربي بالتعاون مع أشقائنا الفلسطينيين لرسم ملامح مستقبل العملية السلمية في ضوء مشروع السلام الذي طرحه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في القمة العربية ببيروت عام 2002 وحظي بقبول عالمي.. مع استيعاب كل المستجدات برغبة أكيدة في إنهاء الصراع الذي شل المنطقة وأورثها الكثير من المصائب ومهد لوجود بؤر إرهابية تقودها دول إقليمية وتتاجر بالقضية المحورية لهذه الأمة على حساب الشعب الفلسطيني.. بل وعلى حساب الشعوب العربية والإسلامية بكاملها.

•• وهذا يعني أن زيارة الأمير لواشنطن مرشحة لتحقيق دفعة قوية لعملية السلام الميتة وفق أسس ومبادئ تتدارسها المملكة مع الأشقاء العرب بكل مسؤولية وموضوعية في المرحلة القادمة، وبعد أن نحقق ما نريد من وراء هذه الجولة الهامة للأمير محمد إلى عواصم القرار الفاعلة.

تسخير المصالح لخدمة الأمة

•• وكما تعودت المملكة.. فإن مصالحها الكبرى مع دول العالم الأخرى ومصالح تلك الدول معنا سوف تُسخر لخدمة قضايا هذه الأمة إيجابياً.. وليس كما يفعل الآخرون عندما يستغلون القضية الفلسطينية للكذب على الشعوب والادعاء بأنهم دول وتنظيمات مقاومة، وهم الذين لم يخسروا فرداً واحداً بمواجهة إسرائيل في يوم من الأيام.. بل ظلوا يبتزون الجميع عرباً وغير عرب.

•• وعندما نوقع على سلسلة جديدة من الاتفاقيات مع هذه الدول فإننا لا نخدم بذلك وطننا وحده.. وإنما نوظف كل ذلك التوظيف الأمثل لخدمة قضايا الأمة.. وتحقيق الأمن والاستقرار في أرجاء المنطقة.. واقتلاع بؤر الظلام منها.. تحقيقاً للمستقبل الواعد الذي يحلم به الأمير ويسعى إلى تحقيقه.

•• وعندما يتحرك الأمير بمثل هذه القوة وفي الاتجاه المناسب وفي الوقت الملائم أيضاً فإنه يحمل معه هموم أمته ويعيد المنطقة إلى حالة التوازن التي افتقدتها في السنوات السبع الأخيرة، ويضع حداً للمغامرات والمؤامرات التي عصفت بها وشهدت معها كوارث غير مسبوقة.. هددت أمن وسلامة الجميع.. في ظل صمت وتراخٍ دولي عجيب.. في مواجهة الأطماع الجديدة وفي ظل المخطط الرامي إلى تقاسم دولنا وتهجير شعوبنا.. ونسف ثوابتنا.. وهويتنا العربية والإسلامية والقومية الأصيلة.

•• والمملكة وإن ظلت قوية طوال هذا الوقت رغم تلك الأخطار لأنها دولة مكتملة الأركان.. وعظيمة الثوابت.. فإنها اليوم أقوى من أي وقت مضى.. وأن تحركها اليوم كدولة إقليمية ذات ثقل روحي.. ودبلوماسي.. واقتصادي.. ستكون له نتائجه البالغة الأثر في المدى القصير وليس الطويل.. وبالذات بعدما تكتمل جولة الأمير -في المستقبل القريب- بزيارة الشرق بعد جولته الحالية تحقيقاً للمزيد من المكاسب هنا وهناك، والعمل على تأمين بلادنا ومنطقتنا بما هي بحاجة إليه من قوة تسليحية رادعة.. تتناسب مع طبيعة الأخطار والتحديات المحتملة.. وتوقف كل طامع عند حده.. جنباً إلى جنب جهودنا الخلاقة لصناعة المستقبل الذي تنشده أجيالنا الجديدة وتتطلع إلى تحقيقه مع إشراقة كل صباح.. وإثر كل قرار يتخذه الملك.. ويحلم به الأمير الشاب محمد بن سلمان بمباركة من الوطن والمواطنين.. وجاء الوقت الذي تترجم فيه رؤية 2030 إلى سلسلة مشروعات كبرى.. وضمانات حاسمة لتأمين المنطقة ضد كل المطامع والأخطار من أي جهة جاءت.

تماماً كما قال وزير الخارجية البريطاني «بوريس جونسون» في مقاله الهام الذي تصدر صحيفة «التايمز» الأسبوع الماضي، ونشرته معها بالتزامن جريدة الشرق الأوسط.. وتناقلته وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة كافة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي كافة، في معرض ترحيبه بزيارة الأمير محمد بن سلمان المرتقبة لبلاده: «إن مستقبل المملكة والعالم الإسلامي يعتمد على برامج الإصلاح التي يتبناها في السعودية ويخدم بها أمته ومنطقته، وعلينا أن نقف معه.. ونعينه على المضي فيها وتحقيقها».

•• قالها «جونسون» لأنه يُدرك أن هذه البلاد قوية وسوف تزداد قوة وشموخاً بالمزيد من العمل المخلص والدؤوب، بدعم من الشعب ومن الأسرة المالكة، كما قال سموه في حديثه الأخير مع صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، وكان له أثر بالغ في كل الأوساط.