-A +A
وفاء الرشيد
كتب زميلي في «عكاظ» الأخ ماجد قاروب مقالا مهما عن الشركات العائلية و2030، تحدث فيه عن أهمية مطالبة القطاع الخاص «بسرعة إحداث إعادة هيكلة جذرية لواقع إداراته والدفع بالطاقات الشابة الوطنية لإدارة الأعمال مع الالتزام بمبادئ الحوكمة الرشيدة»! كلام جميل جداً وواقعي أثار لديَّ سؤالا ملحا يمليه عليَّ الواقع الذي يحيط بي في عالمي النسوي المتعلم، وهو أين دور النساء المتعلمات البالغات في هذه الشركات العائلية التي تتحكم بـ90% من القطاع الخاص السعودي؟ ألا توجد إناث ناضجات عاقلات متعلمات في هذه البيوت؟ لماذا ما زلنا حتى اليوم نتفاخر بسيدة الأعمال الأولى لبنى ابنة سليمان العليان؟ ابنة الرجل الذي سبق عصره قبل سبعين عاما، وضرب بالتقاليد والعرف الاجتماعي عرض الحائط لينصف أولاده ويعطي كل ذي حق حقه سواء كانوا ذكورا أو إناثا! وها هي اليوم واحدة من أهم عشر نساء بالعالم من أب وأم سعوديين نجديين تقود مليارات الدولارات لأسرتها.. ألا توجد إلا لبنى العليان واحدة في هذه المملكة؟

700 مليار ريال ودائع مالية للنساء في البنوك السعودية تزداد كل عام 10 مليارات ريال، تمثل فيها المرأة السعودية أكبر ثروة سيولة بين النساء الخليجيات، حيث تفوقهن إذا اجتمعن جميعا. 51% من إجمالي عدد الطلاب الملتحقين بجامعات سعودية إناث، و67% ممن يحملون شهادات عليا في هذه البلاد إناث! نسبة إخفاق النساء في تسديد الديون مع البنوك أقل من الرجل! ونسبة الفساد بينهن حسب الإحصاءات العالمية أقل من الذكور، 30 امرأة يجلسن على كراسي مجلس الشورى السعودي من أصل 150 كرسيا، بنسبة تشكل 20%، أعلى من نسبة المرأة في مجلس الشيوخ والنواب المكونين للكونجرس الأمريكي مجتمعين! وأخيرا عينت الدولة الأستاذة سارة جماز السحيمي التي لم تتعد الـ35 عاما لتصبح الرئيس التنفيذي لأهم شركة في السوق المالية السعودية «تداول»، بعدما قيّمتها الحكومة في رؤية 2030 على كفاءتها وعقلها وليس على كونها أنثى. أما أنتم يا عرابي الشركات العائلية ففقط 5% من مجالس إداراتكم هي نسبة النساء فيها! فأين أنتم عن 2030؟


ما هي العقدة؟ هل هو الفكر المروج لضعف المرأة وصغر عقلها وقلة حيلتها، وبأن البنوك لا تريد أن ترى إلا وريثا لهذه الشركات وليست وريثة؟ أو هو وجود زوج البنت الغريب المهدد لولائها لعائلتها؟ أم هي عقدة الذكر الذي نركز على تعليمه (إذا تعلم) وتقديمه في الصفوف الأولى وترميمه لنرمم واجهة الوريث لهذا العرش؟

لن أناقش الحلال والحرام هنا، والعدل والظلم، أو العقاب في الآخرة، بل سأناقش أن الخطر الحقيقي على الاقتصاد السعودي اليوم هو وجود هذه الشركات العائلية التي أبت أن تتحضر وتؤسس لمستقبل بحجة أو بأخرى! هذه الشركات التي قسمت لأولادها الذكور سراً أو علانية، حصصهم الأكبر بحجة أنهم يعملون، بينما لم يسمح للإناث بالعمل يوما من الأيام ليتحكم الذكر بمصيرها ومصير أبنائها ليوم الدين، وهي الأخت التي في بعض الأحيان قد تكون الأعرف بتاريخ وحقيقة هذا (الذكر) في يوم من الأيام! لتنتهي الأنثى بفتات ينثر عليها من إخوانها وزوجاتهم يشعل النار وفتيل المحاكم، ويقسم العائلة ويزرع الفتنة لأجيال سعودية قادمة.. ومن يزور أيا من المحاكم الوطنية سيرى أكبر الأسماء يجلسون ليحتكموا أمام القضاء بين أخ وأخواته المتزوجات والأرامل والمطلقات إن رحم ربي.. أما من لم يرحم ربي، فيفضلن الخرس والدعاء للعوض بالآخرة.

الكفاءة بالصدق أولا والعقل والعلم والعمل، لا بذكر ولا بأنثى، فعندما لاحظ الفيلسوف اليوناني سقراط، في إحدى المرات، أن كل تلاميذه قد سألوه فأجابهم إلا واحدا كان متبخترا، متباهيا، متفاخرا بمظهره، التفت إليه سقراط قائلا له: تكلم حتى أراك!