-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
بعض الناس يصادق لمصلحة ويعادي لمصلحة، يمدح لمصلحة ويسب لمصلحة، يمنح الألقاب لمصلحة وينزعها لمصلحة، ولأن مصلحته هي التي تحدد سلوكه وتدبر أمره وليس عقله، فإنه إذا قضى مصلحته من شخص انقلب عليه!، (طيب اصبر يا سيد مصلحة، يمكن تحتاجه مرة أخرى!).

الشخص الوصولي (المتمصلح) يمدح كثيرا وينقلب سريعا ويتنكر لصاحب الفضل عليه دون حياء.


هل تعجب أخي من هذا السلوك لمثل هذا الإنسان مع إنسان مثله، لا يعلم إن كان سيحتاج إليه مرة أخرى أم لا؟ ولا يعلم هل إذا احتاج إليه سيقدر على قضاء حاجته أم لا؟ كيف تستغرب سلوك ذلك (المتمصلح) وأثر أنانيته و(تمصلحه) على جحوده وتنكره وضعف عقله وضحالة تفكيره، وأنت تقرأ القرآن الكريم وفيه يخبر الخالق سبحانه عن طبيعة المخلوق (الإنسان) فيقول عز من قائل «وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، وقوله سبحانه في آية أخرى «وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ»، إذا كان المخلوق تنكر لخالقه وهو متيقن أنه في حاجة دائمة إليه ومتيقن أنه قادر (سبحانه) دوما على قضاء حاجته، فكيف نعجب من تنكره لمخلوق مثله؟.

أعظم وأحكم تعاط مع (المتمصلح)، من يسرف في المدح والثناء، السيد (مصلحة) يتجسد في رد علي بن أبي طالب رضي الله عنه على رجل بالغ في الثناء عليه حين قاطعه قائلا: «أنا دون ما تقول، وفوق ما في نفسك».

الأنانيون (المتمصلحون) شوهوا الحياة والمجتمع والإعلام وطبيعة الأشياء، فجعلوا الثناء هو السائد والنقد شبه بائد، لا تستقيم الأمور بمديح فقط أو نقد فقط، لا بد أن نقول للمحسن أحسنت بناء على ما قدم لصالح الوطن، وللصالح العام، وليس لمصلحة شخصية، ونقول للمسيء أسأت عندما يخطئ ويضر بالصالح العام، أو المصلحة الوطنية.

كل ميزان لا يستقيم إلا بثقلين، حتى الميزان الاقتصادي لا يستقيم إذا كان ربحاً كله، لا بد من ربح وخسارة، إشادة ونقد.