-A +A
علي بن محمد الرباعي
تخيلتُ أنه بعد نشر هذه المقالة سيثور بعضهم للرد على كاتب الزاوية بصوت جهوري قائلين «من أنت حتى تنتقد خالد الفيصل يا قروي»!! وسأردّ عليهم بكل أريحية، بأن خالد الفيصل طلب مني نقد كتابه (إن لم... فمن..!!؟) ولديّ وثيقة إهداء موقعة منه شخصياً ومتضمنة تأكيداً على النقد لا الإشادة.

هناك إشكالية كبرى يقع فيها كاتب السيرة الذاتية، وإشكالية أكبر يمر بها القارئ المفتتن بالآخرين، والمغرم بالتلصص، ولم يسلم جان جاك روسو من تشكيك النفسانيين في سيرته كونه سلّط الضوء على مراحل ليحجب غيرها، وكذلك عرّاب أدب الاعتراف أوغسطين، وبعض الكتّاب ممن طغت سيرته الذاتية على منجزه العملي والإبداعي والعملي، وغلب عليه صناعة كاريزما وهمية.


هل يمكن لكاتب سيرة ذاتية أن ينجح في إخراج ذاته من السرد، ويكتفي برصد وقائع وأحداث وأرقام، ويعمل على توصيف مشهدي (سيناريوي) خالص دون اختراع بطولات، ولا شيطنة أعداء وافتعال خصومات، ولا اختلاق منجزات لا حقيقة لها على أرض الواقع؟

نعم. الأمير خالد الفيصل كتب (إن لم... فمن..!!؟) ودوّن على الغلاف الأخير عبارة (كتاب ليس فيه أنا)، وأصدق الأمير القول أنه بقدر نجاحه في تحييد الذات، وتفوقه في موضوعية الطرح، إلا أنني عجزتُ أن أفصل بين كتابة أميرية لسلالة ملوكية، وبين مثقف لم يوظف لغته لحجب السلبي وراء ستار المجاز، وبين مسؤول تسامى على أن يتخفف من عبء المسؤولية ويلقيها على مشاجب صغار المسؤولين.

كتب الفيصل سيرة عطرة، نجهل كثيراً من تفاصيلها، إلا أن البعض ينسى أننا في العالم العربي تحكمنا أدبيات وأعراف، وفي المملكة تحديداً، وعند أمراء آل سعود، وأعني خالد الفيصل بالذات، ليس من السهولة بمكان أن تضع عينك على كلمة نابية، أو مفردة قفزت على حاجز الوقار، ولم يضع (دايم السيف) الرقيب الموكل إليه إجازة الكتاب للنشر في ذهنه، لأن رقيبه الذاتي أسمى من خروج عن النص وإن لأمر طارئ.

القروي بعد انتهائه من قراءة الكتاب الثاني لأمير منطقة مكة المكرمة بعد (بناء الإنسان وتنمية المكان) خرج بقناعة أن الأمير خالد كسر حاجز رهبة سكننا طويلاً وكان يحول بيننا وبين أن نقول بالحق كلمة الحق.