-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
تجربتي كمواطن صيدلاني مع بعض وكلاء الدواء في المملكة مليئة بصور مخيفة من مواقف التحايل والفساد لا تدعو للتفاؤل ولا تسمح بمنح ثقة فيهم، بل تستوجب رقابة عالية وحذراً، ونفس الأمر ينطبق على بعض مصانع الدواء المحلية، لكن هذا لا يمنع من القول إن بعض وكلاء الدواء والمصنعين يعملون بأمانة وإخلاص، وهذا هو الأمر الطبيعي والمفترض، وما يعنينا دوماً هو التنبيه على مواطن الخلل.

يوم الأحد الماضي عقدت كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود (الأم) ندوة هامة جداً تناقش أسباب وخلفيات نقص الدواء في القطاعات الصحية استضافت خلالها قامات عالية في مجال الصيدلة والدواء منهم معالي د. محمد المشعل رئيس الهيئة العامة للدواء والغذاء السابق والصيدلي محمد الحيدري رئيس قسم التسجيل المركزي بالمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة الخليجي منذ عام 2000م، وتقاعد هذا العام، وعضو اللجنة السعودية لتسجيل شركات ومصانع الأدوية ومنتجاتها لمدة 25 سنة، والصيدلي محمد الدهاس رئيس التفتيش بهيئة الدواء والغذاء والصيدلي علي الرميح مدير الخدمات الصيدلية بالقوات المسلحة والصيدلي صالح الدخيل مدير الخدمات الصيدلية بالحرس الوطني والصيدلي يحيى السويح من وزارة الصحة والفقير إلى عفو ربه أنا كمدير مصنع دوائي بالحرس الوطني.


ليس أدل على أهمية الندوة وعمق أهدافها من أنها عقدت رغم تعليق الدراسة في الجامعة وتم بثها مباشرة وبكل شفافية عبر (تويتر) فالهدف منها كان الخروج بتوصيات وطنية صرفه، وأرى أن الجهات المعنية اقتصادياً وصحياً وتشريعياً يجب أن تطلع على توصياتها بعد صياغتها وحبذا لو امتد الحرص الوطني ليشمل معرفة تفاصيل ما دار فيها على مدى ساعتين.

مر علي في ما مضى وكيل دواء أقام مستودعاً سريّاً لتزييف لواصق أدوية بتواريخ جديدة مزيفة تلصق على أدوية منتهية، وتم التعامل معه حينها، لكن العقوبات لا ترقى لمستوى الجريمة، ومر علي أيضا وكيل أدوية استورد أمصالاً غير فعالة ليضرب بها منتجاً وطنياً؛ لأنه رفض طلبه لمشاركة الموزع والوكيل المعتمد بعد نجاح المنتج مع أنه دعي للمنافسة عند التأسيس وتردد، ومر علي رئيس مجلس إدارة مصنع دوائي وطني خذل وزارة الصحة في تأمين دواء أساسي لأحد مواسم الحج (قديماً) لأسباب مالية يمكن تأجيلها، ووبخه معالي الوزير أسامة شبكشي حينها واضطر لشركة خارجية كانت أكثر مهنية وصبراً على مشتريات الحكومة من المصنع الوطني.

الندوة كشفت عن وكلاء يرفضون الدخول في مناقصات حكومية حتى يتم الشراء منهم بالشراء المباشر بعد الشكوى من نقص الدواء الوحيد، وهنا اقترحت حزماً وعزماً يطبق ضد كل وكيل يمتنع عن دخول المناقصة بسعر معقول، وذلك بحرمانه من الوكالة وحقوق الامتياز، كما تطرقت الندوة لممارسات سلسلة الصيدليات المملوكة لأفراد محددين، أو فرد واحد، باشتراطهم على شركات الأدوية نسبة مالية مقابل توفير الدواء في الصيدلية ونسبة أخرى مقابل صرف الدواء وجميعها طلبات غير نظامية ولا قانونية وتؤدي لنقص الدواء في السوق وحرمان المريض منه.

باختصار فساد بعض وكلاء الدواء ومصنعيه عندنا يخل بالأمن الدوائي ويحتاج لرتز ولكن ربع نجمة!

www.alehaidib.com