-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
عندما ضعف بعض طلبة العلم الشرعي أمام الإغراءات المادية لأحد تطبيقات الاتصالات المدفوعة المسمى آنذاك (ببلي) والذي يقوم على ربط المشاهير (فنانين، لاعبين، ممثلين، وذوي متابعات مليونية من طلبة العلم) بالمعجبين ومن يرغبون التحدث معهم لقاء مقابل مادي، حزنت كثيرا على حال بعض طلبة العلم الشرعي من ذوي الأرقام المليونية من المتابعين ممن قبلوا عرض (ببلي) وقبلوا أن يكون تواصلهم مع طالبي الفتوى أو النصيحة عبر (ببلي) وبمقابل مادي، وكتبت مقالا في هذه الصحيفة بعنوان (ببليكم بلوى يا أشباه الدعاة) ونشر في يوم الأحد ٢١ أبريل ٢٠١٣م، وأحمد الله أن طريقة التواصل تلك فشلت تماما ولم تقم لها قائمة ولم يجن منها جميع من طمع أن يتواصل مع جمهوره عبرها إلا الخيبة!.

هذه الأيام يحزنني كثيرا أن يمارس بعض طلبة العلم الشرعي، من أهل المتابعات المليونية أيضا الدعاية لبعض المتاجر والشركات والمنتجات، حتى ولو كانت تبيع البخور والعود والعطورات، فالدعاية والإعلان أمر لا يليق بالداعية؛ لأننا لم نتابع ذلك الداعية لكي يدعونا لشراء منتج أو الإقبال على تاجر، إنما تابعناه للاستزادة من علمه وما درسه على (شيوخه) ومعلميه من علم شرعي.


ثمة فرق كبير جدا بين أن يتولى الدعاية ولفت الأنظار لاعب كرة قدم أو أي مشهور آخر تشد الناس له شهرته، ويربطه بهم إعجابهم بلعبه ومهارته، وبين أن يمارسها شيخ جليل أو طالب علم يشد الناس له علمه وتربطه بهم ثقتهم بما يقول!.

إن الدعاية والإعلان ضرب من ضروب التدليس، أو ذكر المحاسن وإخفاء العيوب، وهذا أمر لا يليق بطالب العلم الشرعي، وكم هو مؤسف بل ومخجل أن يرفض شخص، مثل ناشط حقوق المستهلك المحامي الأمريكي الجنسية رالف نادر، عرض إحدى شركات السيارات بالدعاية لمنتجهم، رغم أنه عرض مغر بالتصوير مع السيارة صورة واحدة غير ناطقة مقابل مليون دولار أمريكي، وهو في ذلك الزمن مبلغ كبير جدا، واليوم يقبل مسلم وطالب علم شرعي تابعه الملايين طمعا في علمه وثقة به، يقبل أن يكون مندوب دعاية لمنتج بمقابل مادي لابد أنه محسوب على زبائن المنتج.

ما بال بعض طلبة العلم الشرعي أصبحت مواقفهم رخيصة، تشترى بالدراهم وحب الظهور والحفاظ على مكتسبات دنيوية رخيصة؟، رحم الله من مات من علماء الشرع وموقفه لا يقدر بثمن غير رضى الله.