-A +A
عبده خال
إزالة الأثر لا يعني إزالة المعتقد.

عندما تناقل المغردون مقطع بعض أفراد الجاليات الآسيوية وهم يتبركون بشجرةٍ في بني سعد -التابعة لمحافظة الطائف- ظناً منهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم استظل بها فتحولت التغريدات إلى محفزٍ لاجتثاث الشجرة.


وحسنا فعل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل عندما وجه بتشكيل لجنة من عدة قطاعات أمنية وحكومية معنية في قطاع الحج والعمرة للتحقيق في هذه المخالفات.

ونعلم جميعاً أن هناك مواقع كثيرة في مكة والمدينة يتبرك بها البعض، فهل علينا إزالة كل موقع يتم التبرك به؟

ولأن البعض يتبرك بجبلي ثور وأحد فهل يستوجب الأمر إزالة الجبلين؟

وهل علينا إسداء النصح بالتريث إزاء كل ما يثير الناس لكي نستوعب أبعاد أي فعل بعد هدوء عاصفة الغاضبين أو المحرضين لكي يكون قرارنا صائباً أو يقترب من الصواب؟

وبسبب الإزالة فقدنا بعض المواقع، وظل المعتقد حاضراً عند مَن كان ومازال يعتقد بذلك الشيء، وكان من المفترض الإبقاء على الشاهد التاريخي الأثري وتوعية الناس بأن أفعالهم لا تمت للإسلام بشيء ولا علاقة لها به، فالتوعية والتثقيف هما الوسيلتان الناجعتان لاستئصال المعتقد وليس إزالة الموقع.

وإذا قمنا بإزالة الشجرة التي يتبرك بها أو عندها فما الذي يمنع المُعتقِد أن يأتي إلى الموقع نفسه ويقف داعياً أو متبركاً بالحفرة التي كانت الشجرة مغروسة بها؟

إذاً، لا يمكن لأي إزالة محو أي معتقد.. ولما للأثر من أهمية قصوى يجب على هيئة السياحة والتراث الوطني حماية ما تبقى والبحث عما لم يتم اكتشافه، فمثلاً ديار بني سعد هي سكنى سيدتنا حليمة السعدية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قضى في ديار بني سعد سنواته الأولى ولا بد من وجود أثر ما (غير الشجرة)، وهذا يستوجب التنقيب عن آثار كثيرة في الحديبية وفي بدر وفي تبوك.. مواقع كثيرة لا حصر لها يجب التنقيب والمحافظة على الأثر وليس من أجل الإزالة.

وما حدث من إزالة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان الأثر متواجداً قبل الإسلام، وقلوب الناس متعلقة بالأثر كعبادة خالصة، أما وقد تشرب الناس بالإيمان فليس من الضرورة الإزالة وإنما تفقيه وتوعية وتثقيف الناس وتنبيههم ورفض ما يقومون به؛ لأنه لا يمت للإسلام بشيء، فالزمن الحاضر يمكن إيصال المعلومة وشرحها حول العالم.