-A +A
عبدالرحمن الثابتي
أصبح التحليل السياسي قريباً من التحليل الرياضي، يكفي أن تمتلك فيه بعض الكلمات والجمل، لتكون ضيفاً على كل القنوات الفضائية، وكاتباً في بعض الصحف، وإن لم يكن فهو يمطرنا صباح مساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتحليلات حتى لو ناقض مساءً ما قاله صباحاً، المهم أن يستمر بالثرثرة، فلقمة العيش صعبة وتستحق العناء!

يعتقد بعض الواهمين أو المحللين لا فرق، أنه يجب أن يسبق ليقول شيئاً ما قبل أن يقوله الآخرون، حتى وإن كان هذا الشيء مجرد هراء لا علاقة له بالمعطيات على أرض الواقع فقد يكتب ما يحلم بأن يحدث، أو ما يطلبه المشاهدون، والأدهى والأمر أن يكتب ما يطلبه السياسي، وقد حدث هذا في أعرق الديموقراطيات، فعندما أراد الرئيس بوش الابن غزو العراق، كان يبحث عن من يؤيد رأيه ويربط العراق بالقاعدة وأسلحة الدمار الشامل، وقد وجد من يكتب له هذا الرأي ويقنع الرأي العام به، ولذلك فقد سقطت الكثير من المؤسسات في الفخ، وسقط كثير من محلليهم أيضاً.


ما يحدث في قطر مثلاً ينطوي على تفاصيل مشابهة، سياسي واهم وجد من يقول له ما يريد، إنهم يقولون له ما يريد سماعه بل يزيدونه وهماً ووهناً إلى وهمه وضعفه؛ ولذلك يحرص السياسي المحنك أن يحيط نفسه بمحللين يقولون له ما يجب أن يسمعه لا ما يريد، ولذلك تصبح قراراته رشيدة، ويفكر عبر كوكبة من نخبة عقول المستشارين الذين يخرجون الرأي بعد تمحيصه وتدقيقه ودراسة جوانب قوته وضعفه، وهذا ما تفتقده قطر فقد أسندت الأمر إلى غير أهله.

ما يثير التساؤل دوماً والسؤال الذي يطرح دوماً أليس فيهم رجل رشيد؟ الرشد يجب أن يبدأ من أعلى السلطة، حيث يتم تعيين المستشارين الأكفاء المستقلين، ولكن قطر تفتقد لهذا الرشد، وهكذا تكون دول الانقلابات حيث يقودها الحالمون الواهمون الذين يبحثون عن مجد شخصي فقط، حتى لو كان على حساب الشعب والدولة، إنني أقولها وبكل أسى، قطر تضيع أمام أعيننا ونحن لا نتمنى ذلك، ولكن ماذا نفعل لمن يخربون بيوتهم بأيديهم!

A_ALTHABTY@