-A +A
عيسى الحليان
أضحت مهام الدولة المعاصرة عظيمة الاتساع في دولة كالمملكة وذلك بحكم تكوينها الجغرافي ونسيجها الاجتماعي وتطورها الاقتصادي، وفي حالة كهذه يصبح من المتعذر على السلطات المركزية لوحدها النهوض ببرامج التنمية بكل تعقيداتها أو تطوير أطر وأدوات الموارد العامة، دون الأخذ بنظام حديث ومتكامل للإدارة المحلية يحاكي المرحلة التي تمر بها المملكة حاليا ويشكل نصف الدائرة في مواكبة الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تحدث بالبلد، ولأهمية وانصراف الدولة المركزية نحو التخطيط والمتابعة ومواصلة برامج الإصلاح المالي والإداري، خصوصاً وأن التنظيم الإداري (غير المركزي) يسهم في تقوية البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة بإجماع رجال الفكر الإداري، وذلك من خلال توزيع القوى المنتجة وإطلاق الميز النسبية وتفعيل الحراك الشعبي في سبيل تحقيق خطط وبرامج الحكومة المطلوبة، آخذين بعين الاعتبار مسألة الجمود الذي أصاب الإدارة المحلية على مدى نصف قرن، والذي أدى إلى ترهل الوحدات الإدارية في المناطق بما لا يلائم أو يتوافق مع الواقع الذي تعيشه البلاد، وهو ما يحتم إيجاد معادلة للتوازن تبدأ من نقطة الارتكاز الأساسية (النظام المركزي) وتنتهي بالوحدات الإدارية المحلية من خلال إعادة انتشارها كلٍ على الخريطة الإدارية وإعطائها دورا يؤدي لخلق منظومات عصرية لإدارة التنمية المناطقية وتعزيز مواردها المحلية بما يرفد الدور المركزي، خلاف الحاجة لوضع حد للالتباس الحاصل بين دور مجالس المناطق مع المجالس البلدية مع فروع الوزارات وذلك من خلال تشكيل سلة إدارية محلية تسير بالتنمية على الوجه المطلوب.

وفي اعتقادي أن الجميع يعلم أن تطبيق الإدارة المحلية أصبح جزءاً أساسياً من تركيبة الدول المعاصرة، وأداة فعالة نحو تعزيز مسيرة التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ يعزى فشل برامج التنمية والإصلاح الاقتصادي في أدبيات الدول المركزية إلى عدم إشراك المجتمعات المحلية في هذه البرامج والاستفادة من دورهم الغائب في هذه البرامج والمشاريع وما يتوجب حياله من ضرورة انتشال المجتمعات المحلية من حالة التفرج على برامج التنمية والاكتفاء بنقدها إلى حالة الانخراط في برامجها والمشاركة الفعلية فيها.