-A +A
أريج الجهني
الأسئلة التي يظنها البعض عابرة أو متطفلة أو حتى مزعجة هي إكسير الوجود، ما قيمة وجودك طالما أنك تبقي ذهنك هامداً دون حراك وتبقى بحالة جمود تبتلع كل ما تسمع من الأخضر واليابس والسام ! تطوير الأنظمة التعليمية في الغرب انطلق من الأسئلة (أين نحن ؟ وإلى أين نحن ذاهبون وكيف ومتى والأهم من نحن)، رغم استهلاك العديد من مراجعنا العربية لفلسفة المفكر جون ديوي، بقي تفعيل البراغماتية في أنظمتنا التعليمية والمجتمعية شبه معطل، تحسباً من الخطابات المجتمعية التي تبخس قيمة أن تعمل وأن تفكر لأجل مصلحتك ! فحتى تكون فردا صالحا بالمجتمع عليك أن تبتذل نفسك ووقتك وجهدك دون مقابل !

ولك أن تشاهد التنمر اللفظي لأي أرقام مادية تسمعها عن دخول أفراد معينين متجاهلين ما بذلوه من تعب وجهد في تقديم ما يقدمونه سواء من صناعة محتوى أو نحو ذلك.


عودة للأسئلة يا ترى ما هي الأسئلة التي تشغل ذهن الشارع السعودي ؟

على الجانب الوطني يتقدم سؤال المفكر عبدالرحمن الراشد قائمة الأسئلة الأكثر فائدة للوطن حينما يتساءل في مقاله «هل الأفضل لنا سقوط إيران ؟» حيث يحمل انعكاسات مباشرة ومبهجة تعكس عدة درجات من التقدم، وهي درجة الوعي الوطني والسياسي والاقتصادي والإستراتيجي، عندما يأتي هذا السؤال من رجل ذي صوت يجعلك توقن بأن هناك من يستمع لهذا الفكر داخليا وخارجيا وبعيدا عن السياسة، هذا السؤال يعكس تهيئة للسعوديين للعودة لمفهوم «الوطن» بعد عقود من النداءات الأممية المقيتة التي حملت السعوديين خيباتهم وخذلانهم لبعضهم بعضا !

أما عن أسئلة النساء، فالمرأة الآن تتساءل ببراعة قد تفوق فيها الرجال حنكة ودهاء، فهن أكثر من يتساءل حول التعليم والصحة والحقوق، وفضاء الرأي يكتظ بأحرفهن وأسمائهن التي كن قد يخفينها خشية الرضا والولاء المجتمعي، بل انتقلت المرأة من السؤال الأكثر تداولاً «من حكم التشقير والصبغة ولون العباءة» إلى المطالبة بالمشاركة الحقيقية في المجتمع والحضور الدولي والسياسي، بجانب وعيها بكينونتها واحتياجاتها ومواصفات شريكها، بل حتى إعادة النظر في مفاهيم التعدد التي عادة تكون ضحيتها المرأة سواء كانت الأولى أو الأخيرة !

لكن تبقى هناك حاجة حقيقية لإنشاء جهة علمية لرصد الأسئلة ! وبحثها وتمحيصها، والأفضل أن تبقى دون أجوبة، فليس الهدف الرد ! بل الهدف هو قياس وعي المجتمع من خلال ما يطرحه من أسئلة، ويلتزم المسؤول بتبرير وتوضيح ما يهم المواطن البسيط في قوت يومه وعدم تجاهله وتهميشه، التحسس لحاجاتهم أيضا مهمة وطنية يتحملها الجميع حتى لو كنت عاجزاً عن الرد احمل شرف النداء.

areejruba@