-A +A
أسامة يماني
الإدارات الهندسية في الوزارات والمصالح والمؤسسات العامة تكون في بعض الأحيان أحد أهم أسباب ضعف الأعمال الإنشائية والمدنية والتنفيذية نظراً لضعف الإمكانيات الفنية والبشرية والتخصصات الواجب توفرها في الإدارات الهندسية والتي تعاني من تسرب العناصر البشرية الممتازة لقطاعات أخرى ذات عائد ومردود أفضل، كما أن المهام المناطة بهذه الإدارات تتطلب توفر الأجهزة والمعدات والإمكانيات التي لا تتوفر لدى هذه الإدارات الهندسية، وعلى سبيل المثال لا يمكن للإدارة الهندسية في أي أمانة من أمانات المملكة العربية السعودية أن تقوم بعمل الفحوصات اللازمة للتأكد من سلامة الأبراج وناطحات السحاب، نظراً لعدم توفر الإمكانيات والتخصصات اللازمة لديها، مما يتطلب الأمر اللجوء إلى الشركات الاستشارية الأجنبية.

الأعمال الاستشارية تتنوع وتتعدد، وفِي بعض الأحيان تتعلق بتخصصات دقيقة نظراً للتطور العلمي والهندسي والتقني والفني الذي يستوجب أن تكون هذه الإدارات الهندسية لديها كافة التخصصات الدقيقة وعلى دراية بالمستجدات واطلاع على كل جديد ومواكبة العصر ومعرفة بأفضل المواد وأحدثها وأقلها تكلفةً وصيانة وأطول استدامة وأجمل نوعية، وغير ذلك من متطلبات تراعي البيئة وتتحمل عوامل الطبيعة وتناسب المكان والتضاريس والظروف المناخية.


إن إنشاء شركة أو عدة شركات متخصصة كبيوت خبرة استشارية تجذب أفضل أهل التخصصات وتعتمد أفضل وأحدث الأنظمة والتقنيات وتزود بالمعامل والمراكز اللازمة وبالمعدات والأجهزة الحديثة والمختبرات وتجهز تجهيزاً كاملا يمكنها من القيام بمهامها على أفضل وجه وعلى أعلى المستويات وأحدثها الأمر الذي سوف بلا شك سينعكس على نوعية المشاريع وتكلفتها وسرعة إنجازها وتنفيذها ويحقق للدولة وفرة في التكلفة وتحسناً في الأداء وقدرة على الإشراف والرقابة ومنع الهدر والازدواجية الناجمة عن وجود عشرات الإدارات الهندسية والفنية التي تقوم بنفس الدور في وزارات ومؤسسات حكومية.

إن إنشاء بيوت خبرة ذات كفاءة عالية والاستعاضة بها عن الإدارات الهندسية والفنية الموجودة بالأجهزة الحكومية وإلحاق الكادر الهندسي والفني في الحكومة ببيوت الخبرة المستحدثة وضم أهم مكاتب الخبرة الهندسية بها إن رغبت في الانضمام لهذا الكيان أو الكيانات التخصصية الاستشارية سوف يؤدي إلى انخفاض التكاليف والمصاريف الحكومية، كما ستكون بيوت الخبرة الاستشارية رافداً مالياً بدلاً عن الإدارات الهندسية والتي تعتبر مراكز تكلفة وليست مراكز ربحية وذلك بالإضافة لما ستحققه بيوت الخبرة الاستشارية من فوائد كبيرة متعددة سواء من ناحية النوعية والكيفية، كما سوف تحد من قضايا الفساد والتحايل الذي قد كان يحدث في بعض من الإدارات.

البديل والحل الأمثل يتمثل في إنشاء مكاتب وبيوت خبرة وإحلالها بدلا عن الإدارات الهندسية الموجودة في الأجهزة الحكومية وبذلك نحد من الازدواجية المتمثّلة في وجود إدارات هندسية تقوم بنفس عمل مثيلاتها في الأجهزة الحكومية الأخرى. وعليه يمكن ضمها في مكتب استشاري هندسي واحد لتقوم بكل الأعمال الهندسية والإشراف عليها وعمل الخرائط والرسوم والمخططات وغير ذلك من مهام تحتاجها الدولة في جميع المجالات البحرية والبرية والإنشائية والبناء والسدود والطرق وغيرها.

* مستشار قانوني

osamayamani@