-A +A
خالد الشعلان
كل يوم نحن مع تحديث جديد لجدول ترتيب مراكز الأندية المُحترفة، هذا الجدول لا علاقة له بترتيب مراكزهم باللعب في الدوري السعودي للمُحترفين، فترتيب البرنامج المالي لـ«ادعم ناديك» باتَ محط أنظار المُتابعين من جماهير وإعلام، بل شاركَ في ذلك رؤساء الأندية، كيف لا وهو برنامج قد يُحقق لإداراتهم أرقاماً ماليَّة جيدة تُساعد في تسيير أمور النادي الماديَّة. هذه المُتابعة للجدول طغت بل نافست مُتابعة الدوري السعودي للمُحترفين.

الفكرة الماليَّة لبرنامج «ادعم ناديك» وجدت قبولاً لدى شريحة من الجماهير خلال الأيام الماضية، كما لاقت انقساماً في الرأي وتفصيلاً من الطرح من الجماهير، وخلال اطلاعي السريع على ردَّات الفعل من خلال الإعلام وكذلك «تويتر» أستطيع وبشكل مُختصر أن أُصنف ردَّات الفعل لثلاث فئات وهي:-


الفئة الأولى: شريحة من الجمهور ترى أنَّ «ادعم ناديك» جاءت في وقتها، كما ترى أنَّ من يدعم ناديه بريال أو مئة ريال أو ألف ريال يجب أن لا يربط هذا الدعم بوجود مسؤول أو مسؤولين بالنادي، أو بغضبٍ على قرارات، أو على مستوى أداء الفريق الكروي للنادي، بل يجب أن يكون دعمه من باب الانتماء وحُب النادي، بل إنَّ هذه الفئة تزيدُ في دعم وجهة نظرها بقولها إنَّ الأوضاع السيئة لأيِّ نادٍ يجب أن تكون حافزاً ودافعاً للدعم من قبل المُشجع وأن لا تكون مُنفرة للدعم، فالمُشجع الحقيقي هو الذي يقفُ مع ناديه حالَ الأزمات وتردي النتائج.

الفئة الثانية: شريحة من الجمهور تُشاهد «ادعم ناديك» عن بُعد وتهتمُ بجدول الترتيب المالي للأندية في الدعم، ولكنها تؤمن بعدم الدفع لفلسفة خاصَّة لديها، وهي فلسفة تعتمدُ على أنَّها كفئة تُريد أن تكون راصدة ومُتابعة فقط، أو تؤمنُ بأنَّ ما سيتم دفعه من الجماهير لا يتوازى إطلاقاً مع احتياجات النادي، أو ترى بأنَّ مسؤولي النادي ولاعبيه يجب أن لا يطلبوا من جماهيرهم الدفع طالما تلك الجماهير تدفعُ لحضور المُباريات، وطالما بعضها أيضاً لا يحضر من باب غضبه على الفريق، فكيف يُريدون الدفع، وهذه الفئة أحترم وجهة نظرها ولكني أطلق عليها «فئة الكنبة»، وهي فئة يختلطُ فيها التنظير الفلسفي والاقتصادي، بل إنَّ عناصرها من مُدرج الفريق أو من وجهاء المُجتمع من اقتصاديين أو قانونيين أو أدباء ومفكرين.. إلخ، وجدوا ضالتهم لتعاطي موضوع وإشباعه بمُتابعة وطرح دقيق في كل مساء بمجلس أو استراحة، ويجمعهم جلوس على الكنبة وعدم دفع هللة واحدة.

الفئة الثالثة: شريحة من الجمهور تُؤمن بأنَّ «ادعم ناديك» جيدة ولكن تُؤمن أكثر بأنَّ على المُشجع الحقيقي عدم الدفع ولاسيما حال كان الفريق الكروي لناديه أو الأوضاع الماليَّة والتعاقدات سيئة، بل إنَّ رؤيتها تمتدُّ لدرجة «المُجاهرة» بدعوة الجمهور لعدم الدفع، فكيف للمُشجع أن يدفع والأحوال الماليَّة في ناديه في كل عام غامضة والهدر هو مصيرها، وهذه الفئة لا تتعب في المُطالبة بعدم الدفع بل تتمسك بكافة السُبل لذلك، مثل إنشاء «الوسوم» في تويتر الداعية لعدم الدفع، بل مُطالبة إعلاميي النادي بوجوب تصدِّيهم للدفع وتبيان أنَّ من يدفع يُشارك في الفشل، ولهذه الفئة طقوس عدَّة في مُحاولة الإقناع، مثل اجترار الماضي وتدعيم موقفها بأحداث ماضية أثبتت بأنَّ هناك فشلاً في النادي على المستوى الفني والمالي والقانوني.

كل الفئات الثلاث أحترمُ أصحابها لكنني بالطبع مع الفئة الأولى، وأحترم من لا يدفع اعتقاداً منه أنَّه يُساعد أو يُشارك في الفشل، لكن أتوقف باستغراب أمام «المُجاهرين» بعدم الدفع بل المُحرضين عليه.

أختم هنا بسؤال وهو: لماذا جاءت فكرة «ادعم ناديك» من معالي المُستشار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامَّة للرياضة؟ ولماذا توقيتها؟ ولماذا اهتمامه شخصيَّاً بها رغم أنَّه دفع ودعم الأندية بملايين؟

كل منا له إجابة، وإجابتي -التي أتوقعها- هي أنَّ معاليه أراد بذلك توصيل رسالتين، الأولى للجماهير الغاضبة على إدارة ناديها بأنَّ المجال لهم مفتوح في تقويم النادي والمُشاركة في الخلاص من الأزمة الماليَّة بدلاً من الكلام والمُطالبات، والثانية لإدارة النادي بأنَّ هذا هو مُدرجكم غاضب، وهذه أرقام الدعم المُتدنية تُنبئ عن عدم رضاه تجاه عملكم، فماذا أنتم فاعلون؟

خاتمة

أيقظْ شعورك بالمحبةِ إن غفا

لولا شعور الناس كانوا كالدُّمى

al_sh3laan@