-A +A
حمود أبو طالب
ذات مرة أوقفني وزير إعلام سابق عن الكتابة بسبب مقال عن القناة التلفزيونية الثانية الناطقة باللغة الإنجليزية، رأى فيه تجاوزاً كبيراً وتعدياً خطيراً على هيبة وزارته، جعله يتخذ قرار إيقافي وهو خارج المملكة، لأنه رأى أن القرار لا يحتمل التأجيل لحين عودته. كان المقال بسيطاً جدا ومباشرا وواقعيا جداً جداً، فقد قلت أن القناة الثانية إهدار للمال دون طائل، لأنه لا يوجد ناطق باللغة الإنجليزية يحتاج مشاهدة برامجها لأنها بعيدة جدا عن اهتماماته ولأنها لا تواكب الوقت الذي نعيشه، وأن القناة بكل ما فيها متأخرة عن الفكر الإعلامي الجديد والتقنيات التلفزيونية الحديثة، ولابد من مراجعة وضع القناة وتطويرها لتؤدي الهدف الذي أنشئت من أجله. لم يدم إيقافي أكثر من أسبوع، ربما لأن معاليه تأكد بعد قراره أنني لم أتحدث سوى عن جزء بسيط من الحال البائس للقناة.

تذكرت هذه الحادثة الطريفة بعد توجيه ولي العهد مؤخرا بتحويل قناة الإخبارية إلى «شركة شبكة الإخبارية» بهدف تطوير القناة وإطلاق قناة إخبارية باللغة الإنجليزية لتتمكن القناتان من تحسين تغطية ومتابعة الأخبار المحلية والعالمية، والتفاعل مع المتغيرات بما يقدم إعلاما سعوديا مواكبا. هذا التوجيه أو القرار من ولي العهد يمس جانبا في غاية الأهمية لم يأخذ حقه من الاهتمام الضروري الذي يليق بوضع المملكة ومكانتها العالمية، وأيضا حاجتها لإعلام حديث متطور وفعال ومؤثر في ظل الهجمات الموجهة لها والمغالطات بخصوص أوضاعها وقراراتها وتوجهاتها، والتي تأتي ضمن مخطط كبير وخطير يستهدفها.


سلاح الإعلام المتطور لم يعد ترفا، بل في مقدمة الأسلحة الفعالة لكل الدول في وقتنا الراهن، وهو أيضا حاجة ماسة للخطاب الداخلي الذي يناسب المواطن، الذي لم يعد مواطن الماضي الذي يتقبل الخطاب الإنشائي. إننا بحاجة كبرى وسريعة لإعلام حديث في كل وسائله وجوانبه وتفكيره وكوادره.