-A +A
مي خالد
قبل أعوام شاهدت فيديو لوالدة أحد الجواسيس الفلسطينيين، وهو شاب نحيل بائس اكتشف أبناء قريته عمالته فعملوا على تصفيته جسديا باستخدام أسلحة بيضاء وحجارة حتى حضرت الأم وهو على مشارف الموت. لكن الأم لم تفعل ما يتوقع أنها ستفعله، لقد خلعت حذاءها وانهالت عليه تضربه على وجهه، وهي تردد عبارات الخيبة لأن ابنها جاسوس، وكلما تمرغ في التراب تحت قدمها وهو دام ومنهك تزيد حدة ضرباتها على وجهه وتطأ بقدمها على عنقه، حتى فارق الحياة.

فيما بعد قرأت أن المرأة في الفيديو ليست أم الجاسوس، بل هي أم أحد الشهداء الذين اغتيلوا بسبب كشف هذا الجاسوس عن مواقعهم للجيش الإسرائيلي، وكلتا الروايتين تؤكد على وجود جواسيس فلسطينيين واعتياد الناس على التعامل معهم، إلى جانب العديد من الفيديوهات على قناة اليوتيوب تصور سحل الجواسيس وتصفيتهم ورجم الشعب الفلسطيني المناضل لهؤلاء الخونة.


لعل هذا ما يجعل الإنسان الفلسطيني يشك في نفسه وفي أقرب الناس له فكيف نتعجب إن شكوا فينا. هذا مرض ارتياب جماعي حالة هوس تسبب فيها الجواسيس الفلسطينيون.

وحتى لو لم تكن المرأة في الفيديو هي أم الجاسوس الذي أعدم فلن أغير نظرتي لبطولة المرأة الفلسطينية الحرة التي نافست الرجل على المقاومة وبذل الروح والأبناء فداءً لوطنها وقضيتها. هذه النماذج الفلسطينية المؤمنة رجالا ونساء مشغولة بالكد اليومي وبتربية أطفالها على البطولة والنضال ليس لديها وقت لدخول شبكات الإنترنت أصلا أو استقطاع مال عيالها لشراء الأعلام والصور لحرقها، كي نظن أنهم هم الفئة التي تهاجم المملكة العربية السعودية، ولو سمعت حديث هؤلاء الشجعان لوجدتهم مشاريع شهادة كلهم عزة وأنفة وسؤدد. أغلب أحاديثهم تدور حول الحث على الصمود ووجوب النضال، هم لا يتحدثون عن معاني الخذلان ولا التخوين بل تجد أغلب أحاديثهم عن البطولة ودحر العدو وعن جوهر الإيمان بالله.

هؤلاء الذين لا نستطيع أن نحولهم لنسبة أو إحصائية هم الشعب الفلسطيني الشقيق بأغلبيته، أما القلة الذين يهاجمون المملكة فهم فئة أخرى من أراذل الفلسطينيين الذين لو عرض عليهم العمل في الموساد لوافقوا قبل انتهاء العرض، هم الجواسيس بالفطرة فاحذروا النزول لمستنقعهم وجركم لمستنقع التفرقة بين شعوبنا.

Mayk_0_0@

May_khaled@hotmail.com