-A +A
إدريس الدريس
الحقيقة التي لا تخفى على أحد هي تنامي السخط الشعبي داخل المملكة على علاقتنا مع لبنان، والتي يرى الغالبية من السعوديين أنها تتسم بالتدليل والتدليع والحظوة الخاصة، وذلك مقابل النكران والجحود بل والاصطفاف في المحور المضاد الكائد والمحارب للمملكة، وترى كثير من الأطياف الشعبية المحلية أن المملكة تحملت كثيراً نزقات ونزوات الحكومة والأحزاب والإعلام اللبناني، فيما كانت المملكة تغض الطرف عن كل ذلك، بل وتضطلع فوق ذلك بحمل الهموم اللبنانية منذ اتفاق الطائف، مروراً بالمساهمة الفاعلة في إعمار ما هدمته الحرب الأهلية، وإعادة وجه بيروت الناصع في السوليدير، وفي كثير من الدعم والبناء في كثير من القطاعات اللبنانية، وما تبع ذلك من تدفق السواح والمتملكين السعوديين، هذا إلى جانب التحويلات المليارية التي تدعم المصارف هناك، والتي يقوم بتحويلها شهرياً مئات الألوف من اللبنانيين الذين ينعمون برغد العيش وحسن المعاملة خلال إقامتهم في المملكة، لكن كل ذلك وأكثر منه مما لا يتسع المجال لحصره يقابل بالعداء الرسمي المعلن تجاه المملكة، والتعبير عن ذلك في العديد من المواقف الرسمية والإعلامية التي تتحدث بفوقية وبسخرية تجاه بلادنا وتعييرها بالصحراء وبأننا رعاة الإبل، وكأنهم لا يعلمون أن صفة رعاة البقر لا تعيب أمريكا ومكانتها الكبرى، وهم حين يعتبرون الصحراء تهمة أو مسبة فإنهم يتناسون - وهم يعلمون - أن الإرادة السعودية المخلصة قد عمرت ومدنت الصحراء وجعلتها في غير مقارنة مع أي بلد عربي آخر، مع كامل الاحترام لجميع الأشقاء العرب، لكنها الحقيقة التي يجب أن يعلمها الإعلام اللبناني الساقط، والذي تحرر صفحاته من تحت السرداب الذي يقبع في أتونه رئيس جمهورية حزب الله ( لبنان سابقا)، كما أن محرري السرداب الراسبين في جغرافيا المملكة لا يعلمون أن بلادنا تتوفر على السهل والبحر والجبل، وأن سلسلة المناطق الجبلية الباردة والممطرة والممتدة من الطائف صعوداً حتى مدينة أبها بل وصولاً إلى منطقة جازان في مساحة تتعدى مساحة دولة لبنان عشر مرات، أما ان هذا الإعلام الحزبي يمن علينا بأن المعلم اللبناني هو من علمنا ألف باء الهجاء في مدارسنا فإنني هنا لا يمكن أن أنكر دور المعلم المصري والفلسطيني والسوري والسوداني، الذين أسهموا مشكورين معنا في النهضة التعليمية، لكنني وكل السعوديين لا نعلم دوراً للمعلم اللبناني ممن لم يسهموا في تدريسنا، لكن ربما أنهم قصدوا معلمي الشاورما والحمص والمشاوي، فقد برزوا في الخدمة المطعمية الشهية.

إنني مثل كل السعوديين لا أحمل إلا الود والمحبة للمواطن اللبناني الأنيق شكلاً ولباقة وحسن تعامل، لكنني أرفض كمواطن هذه المواقف الرسمية الجاحدة، كما أرفض هذه اللغة الإعلامية النابحة والجارحة، وأنتظر من الجالية اللبنانية الشقيقة والتي تقيم منذ عقود داخل المملكة وتعمل في أمن وأمان واحترام أن يكون لها صوتها الواضح تجاه الهيمنة الحزبية التي تدار بها بلادهم من طهران، وتنفذ قراراتها علانية من الأقبية وتحت تهديد السلاح. أيها اللبنانيون الشرفاء قولوا وافعلوا شيئاً قبل عض البنان على وطن كان اسمه لبنان.