-A +A
حمود أبو طالب
لم تعد خطابات الملك سلمان تمثل شأنا سعوديا فحسب حتى لو كانت المناسبة داخلية، بل أصبحت شأنا عالميا لسبب بديهي ومنطقي ومباشر لا يحتاج إلى اجتهاد في الشرح، هو أن ما يحدث في المملكة، سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفكريا واجتماعيا، أصبح مهما لكل العالم، استنادا إلى مكانتها المهمة الاستثنائية إقليميا ودوليا على كل الأصعدة، لذلك عندما تتكلم المملكة على لسان الملك سلمان أو ولي عهده فإن العالم كله يستمع ويتابع ويحلل ما يقال، لأن قول الرياض يؤثر فيه ولأن كثيراً من مصالحه وعلاقاته يعتمد حاضرها ومستقبلها على ما تقوله الرياض. إنها الجهة التي تستقطب البوصلة العالمية بقراراتها وتوجهاتها وسياساتها في كل شأن.

يوم (الأربعاء) الماضي كان الخطاب السنوي الملكي في مجلس الشورى، وهذا العام بالذات كان الترقب أكثر لما سيقوله الملك سلمان لأن خطابه يأتي بعد قرارات أحدثت تحولات جوهرية في السياسة الداخلية والخارجية للمملكة. قرارات متسارعة، لكنها غير متسرعة، فاجأت العالم وفاقت التوقعات وقلبت الطاولة على المعتاد والسائد في تغيير سياسات الدول وتحولاتها، المتسم بالهدوء والسير البطيء والتحفظ، جاء الخطاب الملكي بعد عاصفة تغيير جريئة وشجاعة أدخلت المملكة عصرا جديدا سمته الديناميكية والمبادرة والتحدي والإصرار على خلق واقع أفضل، فأصبحت مزار الساسة وأقطاب الاقتصاد والمال والأعمال من كل عواصم العالم بحثا عن فرص وبناء شراكات وتقوية علاقات في دولة تتحول إيجابيا بشكل مثير وجاذب على أرضية سياسية صلبة واقتصاد ضخم واستقرار أمني واجتماعي قوي ودولة تدير شؤونها بعقلانية وفكر تحديثي طموح مفتوح على كل المصادر الإيجابية التي تستطيع المشاركة.


داخليا، كان الخطاب تأكيدا على استمرار كل البرامج التنموية الطموحة التي تضمنتها رؤية المملكة في إطار التحديث المستمر والتطوير لهياكل الدولة وأنظمتها وقوانينها مع تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وزيادة مشاركة المواطنين والمواطنات في إدارة المرحلة الجديدة، وخارجيا كانت كلمة الملك بيانا لثوابت المملكة في التعاطي مع القضايا الراهنة وفق الحلول السياسية، وتأكيد الإصرار على اجتثاث الإرهاب، ورفض التدخلات في شؤون الدول الخليجية، مع التأكيد على موقف المملكة الثابت والمستمر من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته ورفض استلاب القدس وتهويدها واستنكار قرار الإدارة الأمريكية بشأنها، وهو الموقف الذي لا يمكن لأي جهة أو طرف بعيد أو قريب المزايدة عليه أو التشكيك في ثباته ونزاهته وإخلاصه.

إذا كان ما ذكرناه لا يزيد على غيض من فيض، أفلا تكون الرياض قادرة على أن تكون محور الاهتمام والاحترام من كل العالم، ما عدا النكرات وفاقدي الأهلية الوطنية وخائني قضايا شعوبهم؟.