-A +A
نورة محمد الحقباني
أخيراً، انتشر بين الشباب السعودي وفي بعض المنازل وفي وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً من بعض مشاهير برامج «السوشيال ميديا» استخدام صفة أو لقب «الإسباني أو الإسبانية»، بهدف مقارنة السعودي مع الإسباني، وتلك من وجهة نظري «درعمة» فارغة على غير هدى وفيها استنقاص وتهكم تجاه من يقارن بأصحاب تلك الجنسية الأوروبية!

شخصياً، لم يسبق أن أمعنت النظر وتمعنت التصرفات وراقبت السلوكيات مثل ما فعلت مع بعض الإسبان من الجنسين في محيطي خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً أن الظروف تحتم عليّ أن أتعامل معهم يومياً بشكل مباشر وغير مباشر!


من وقت لآخر، أرقب تصرفاتهم وأستمع إلى أحاديثهم وأتأمل ما يفعلون وطرائق لباسهم وأكلهم، للتحقق من تلك المزاعم ولمعرفة هل هناك ما يبهر لديهم، لأن من جلدتنا من يضرب بهم المثل والقدوة، من بعض شبابنا الذي يمكن وصفه بـ«الفارغ»، إذ جعلوا منهم «الأرقى» في كل شيء لدرجة المقارنة مع أنفسهم وغيرهم!

بصراحة متناهية، لمن يقرأ ما أكتب، مصدومة من تلك الفذلكات والسخرية التي في غير محلها، حيث لم أجد عند الإسبان شيئا يستحق أن يقارن بأبنائنا!

لم أجد ترتيبا أو تنظيما أو ثقافة أو حتى نظافة تستحق أن يلتفت إليها عند الإسبان إلا في حالات نادرة، وأتمنى أن أكون مخطئة!

لا شك أن هناك أشياء مميزة عند الإسبان مثلهم مثل كل شعوب الأرض الأخرى، لكن لديهم أيضاً ما يمكن نقده وقدحه، وما أكثره!

ولمن لا يعلم من الإخوة والأخوات المقلقين بـ«الإسباني والإسبانية»، اللغة الإسبانية يتحدثها حول العالم نحو 500 مليون نسمة من ثقافات وعادات عدة، ليس في إسبانيا وحدها، بل في بلدان أخرى، مثل الأرجنتين وكولومبيا، وكوبا، والمكسيك، وباراغواي، وأوروغواي، وفنزويلا وغيرها!

يا أصحاب المقارنات لماذا تقبلون التهكم والسخرية على أنفسكم وأهلكم بهكذا مقارنات تقوم على الفهلوة والتقليد الأعمى!.

حبكم وتشجيعكم لفريقي ريال مدريد أو برشلونة أو حتى لاعبيهما الأرجنتيني ميسي أو البرتغالي رونالدو لا يمنحكم حق الانتقاص من الآخرين وثقافتهم وعاداتهم؟

شبان وشابات المملكة اليوم بدون أية مجاملة، أرقى وأكثر نباهة من غيرهم، ولا ينقصهم الذكاء والفطنة، ولديهم اهتمام بأنفسهم ومعرفتهم وثقافتهم ونظافتهم أكثر بأضعاف ممن تجري المقارنة معهم من الإسبان!

أدعو عبر هذه المقالة من يحكمون على أبناء مجتمعهم بلا وعي ويتهكمون على شباب بلادنا وشاباتها بالمقارنة مع شعوب أخرى من دون أن يدركوا مدى تطورهم وتغيرهم وتفوق بعضهم، بهدف إحباطهم أن يتثبتوا من أحكامهم المتسرعة وسخريتهم المبتذلة وعقلياتهم السطحية والتوقف عن هذا النوع من «جلد الذات»!

أرجو أن لا تستمروا في محاولات إحباط أبنائنا وبناتنا، بعقد المقارنات مع الغير، والعمل على تشجيع جهودهم وتحفيزهم وبناء الثقة في نفوسهم، لأن تلك المقارنات العبثية تترك آثاراً نفسية وترسخ في الذهنية الدونية سواء للمقارِن أو المقارَن.

ربما لو كانت المقارنة عادلة، نتجاوز ولا نعلق، لكن كما يقول المثل الإسباني «ما يشفي الكبد يمرض الطحال»!

* إعلامية سعودية

NORAH_MOHAMMED@