رئيس OMICS يكرم أحد العاملين في شركته.
رئيس OMICS يكرم أحد العاملين في شركته.




تكلفة نشر الأبحاث في OMICS تصل إلى أكثر من 3600 دولار.
تكلفة نشر الأبحاث في OMICS تصل إلى أكثر من 3600 دولار.




رد جامعة الملك سعود على تغريدة الرويلي.
رد جامعة الملك سعود على تغريدة الرويلي.




سرينوبابو جيديلا مؤسس أوميكس
سرينوبابو جيديلا مؤسس أوميكس
-A +A
تحقيق: خالد عباس طاشكندي

* عضو شورى سابق واثنان من وكلاء الجامعات بين المتورطين

* أكثر من 730 أكاديميا من الجامعات السعودية شاركوا في OMICS

* صحيفة كندية نصبت لها فخاً بإرسال بحث مزيف فقامت بنشره

* حققت OMICS في 2016 قرابة 12 مليون دولار من نشر الأبحاث غير الموثوقة

* باحث في الفايروسات: هذه المجموعة تحكم الأبحاث شكلياً وليس فعلياً

* استخدمت أسماء علماء بارزين دون علمهم لإغواء الباحثين

* باحث سعودي في هارفارد: تستهدف العرب بالذات

* رفعت شعار «لا تغش الآخرين» وقامت بالعكس



أصدرت محكمة فيدرالية أمريكية أخيراً حكما قضائياً ضد شركة هندية متهمة بنشر أبحاث وعقد مؤتمرات علمية مضللة ومخادعة وبلا معايير موثوقة من أجل الربح المالي، وأمرت بوقف «الممارسات الخادعة» التي تقود إلى الاعتقاد بأن دورياتها العلمية الإلكترونية تحتوي على أبحاث مشروعة، إذ أعلنت لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية (FTC) أنها حصلت على أمر قضائي أولي في سبتمبر الماضي عن دعوى قضائية مرفوعة ضد سرينوبابو جيديلا، الرئيس التنفيذي لمجموعة «أوميكس» (OMICS) التي تدار من حيدر آباد بالهند، وتقوم بنشر البحوث العلمية غير الموثوقة من خلال أكثر من 700 دورية علمية إلكترونية مزيفة لنشر الأبحاث العلمية في شتى التخصصات العلمية مقابل رسوم باهظة وتحكيم صوري وغير دقيق ولا يتوافق مع المعايير الأكاديمية للمجلات والدوريات العلمية المعتمدة والمعروفة على مستوى العالم، وجاء قرار المحكمة الأخير ليؤكد صحة الاتهامات المتداولة في المجتمع الأكاديمي وكبار الباحثين حول العالم الذين أشاروا منذ سنوات بأن «أوميكس» مؤسسة زائفة تتحايل على الباحثين من أجل المال، في حين كشفت «عكاظ» أن هناك أعداداً هائلة من الباحثين في الجامعات السعودية ينشرون أبحاثهم العلمية عبر «أوميكس» حتى العام الحالي وفي شتى التخصصات العلمية بما في ذلك تخصصات حساسة في مجالات الطب والهندسة، وهو ما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت الجامعات الوطنية تعتمد احتساب نقاط هذه الأبحاث في الترقيات العلمية أم لا؟

وقد اتهمت الدعوى التي رفعت في أغسطس 2016 ضد جيديلا ومجموعة «أوميكس»، وسلسلة المؤتمرات العلمية التي تسوق لها، بالقيام بممارسات تجارية خادعة تتعلق بنشر البحوث والمؤتمرات العلمية لإضفاء المصداقية على أوراق بحث وهمية ومليئة بالأخطاء المطبعية وعدم الدقة، كما زعمت لجنة التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة (FTC) أن المدعى عليهم استخدموا أسماء باحثين بارزين لجذب المشاركين في مؤتمرات تدعي أنها علمية، على الرغم من أن الباحثين لم يوافقوا على المشاركة، وأنها تضلل القراء حول ما إذا كانت المقالات العلمية المنشورة قد تم مراجعتها فعليا من قبل باحثين متخصصين، وفشلت في تزويد المؤلفين بمعلومات شفافة عن رسوم النشر قبل تقديمها، وعرضت «عوامل تأثير» (Impact factors) مضللة عن المجلات.

وفي 29 سبتمبر، كتبت القاضية غلوريا نافارو، من المحكمة المحلية في مقاطعة نيفادا، أن الأدلة التي قدمتها لجنة التجارة الاتحادية «كافية لدعم الاستنتاج الأولي بأن المدعى عليهم قدموا تحريفات وتزييفا بشأن نشر دورياتهم ومؤتمراتهم» وأمرت المحكمة الشركة الهندية «أوميكس» (OMICS) المتهمة بنشر أبحاث غير معتمدة وفقا لمعايير وأسس النشر العلمي من أجل الربح بوقف هذه «الممارسات الخادعة»، وأمرتها بإزالة جميع الادعاءات المضللة من مواقعها على شبكة الإنترنت والتي تتضمن عرض أسماء العلماء البارزين الذين لم يوافقوا مطلقا على الانضمام إلى مجالس تحرير مجلاتها، مؤكدة أن الأبحاث لا تتم مراجعتها والتدقيق فيها، كما أنه وفقاً للحكم القضائي، يحظر على المدعى عليهم أن يمثلوا زورا أن مجلاتهم تنخرط في مراجعة وتدقيق مسبق، وأن مجلاتهم مدرجة في أي خدمة فهرسة دورية أكاديمية، أو تتبع أي قياس معتمد في الاستشهاد بمجلاتهم.

القصة من البداية



في العام 2006، حين كان سرينوبابو جيديلا يبلغ من العمر آنذاك 26 عاماً، ويحضر لدرجة الدكتوراه في جامعة أندرا على الساحل الشرقي للهند، واجه ما كان ينظر إليه على أنه آفة يعاني منها الباحثون والعلماء في العالم النامي، إذ يقول جيديلا وفقاً لتقرير نشرته «بلومبيرغ» في أواخر أغسطس الماضي حول الأبحاث التي تنشرها «أوميكس» (OMICS)، بأنه منذ القرن السابع عشر، كانت المجلات الطبية والعلمية البوابة التي من خلالها يكتسب الباحثون نظرة ثاقبة على أحدث الاكتشافات وأفضل الممارسات، ولكن الاشتراكات في المنشورات العلمية يمكن أن تكلف آلاف الدولارات سنويا، وأنه عندما كان يحاول أن يقدم دراسات متقدمة عن مرض السكري، وجد أن مكتبة أبحاث جامعة أندرا الهندية يرثى لها وتعاني من شح المنشورات العلمية.

ويقول جيديلا «أنه نشأ في بيئة فقيرة في قرية ألينا بالقرب من حيدر آباد، ويقطنها ما يقرب من 2000 شخص، وأنه تربى في بيت من الطين وأعواد قصب السكر، ووالداه كانا يعملان في الزراعة، متسائلاً بتعجب «كيف بإمكان باحثين مثله من التقدم والتطور من دون الأدوات المتاحة لنظرائهم الأكثر تميزا في الغرب؟».

ولحل مشكلته بشكل مباشر، دفع جيديلا 250 روبية (نحو 4 دولارات) كل شهر لحافلة تنقله إلى حيدر آباد التي تبعد قرابة 400 ميل حتى يزور المراكز البحثية هناك، وكانت الرحلة تستغرق أكثر من 12 ساعة داخل مركبة تفتقر إلى تكييف الهواء ودورات المياه، وتسلك طريقاً متصدعاً يجعل الحافلة في حالة متلازمة من الاهتزاز المزعج، وكل ذلك لأجل تحقيق هدفه في الاطلاع على الدوريات العلمية مثل المجلة الدولية للكيمياء التحليلية والتطبيقية (TALANTA).

وخلال تلك الفترة، كان نموذجاً جديداً للنشر العلمي قد بدأ في الانتشار وتوسيع نطاق الاتصال العلمي والمعرفي، منقلباً على المجلات العلمية التقليدية التي تكسب المال من خلال فرض رسوم الاشتراك على الباحثين، إذ إن النموذج الجديد حينها يجعل الوصول والاطلاع على المقالات العلمية متاحاً بالمجان، وذلك من خلال ما يعرف بـ «المجلات العلمية المفتوحة الوصول» (Open-Access Journals)، وهذا النموذج على العكس من آلية النموذج التقليدي، يفرض رسوم النشر على المؤلفين ثم تقدم المقالات للقراء والباحثين مجاناً على شبكة الإنترنت.

وقبل أن يحصل جيديلا على درجة الدكتوراه، كان قد بدأ بالفعل في وضع دراساته المخبرية جانباً لتكريس نفسه من أجل تطبيق فكرة «الوصول المفتوح»، فقام بالاستعانة ببعض زملائه في حيدر آباد لتصميم موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية، وإطلاق شركته من خلال الموقع، والتي حملت في البداية اسم «أوميكس للنشر الإلكتروني» (OMICS Online Publishing)، وبعد نشر مجموعة من التطبيقات والتجارب العلمية في مجال الأحياء، تم تغيير اسم الموقع والشركة إلى «أوميكس العالمية»، وفي أبريل 2008 نشر المقال الأول لمجلة «البروتينات والمعلومات الحيوية» (Proteomics & Bioinformatics)، ومنذ ذلك الحين تنامت الأبحاث العلمية التي تنشرها «أوميكس» على الإنترنت.

غش وخداع وغياب للمعايير

أطلق مؤسس «أوميكس» على شركته شعار «لا تغش الآخرين»، إلا أن هذا الشعار كان عكس الواقع تماماً، ويتناقض بشكل صارخ مع تصور الحكومة الأمريكية والعديد من الأكاديميين حول العالم عن محتوى الدوريات والمقالات العلمية المنشورة من قبل «أوميكس»، إذ اعتبروها شركة نشر «مفترسة» تخدع الباحثين والمهنيين لتحقيق أرباح سريعة بالاحتيال، وأكد الكثير من الباحثين الدوليين في تصريحات موثقة لعدد من الصحف الغربية أن الدوريات التابعة لشركة «أوميكس» تقوم بنشر دراسات مزيفة أو ليست ذات كفاءة، وذلك بهدف مساعدة الأكاديميين غير المؤهلين على تلميع سيرهم الذاتية أو تقدم حياتهم المهنية من خلال محاولة خداع الجامعات والمؤسسات العلمية للحصول على ترقيات وظيفية.

وتعتبر شركة «أوميكس»، من المؤسسات المضرة بالبحث العلمي لعدة أسباب؛ من أبرزها نشر الأبحاث مقابل المال دون أي مراجعات علمية دقيقة من قبل الباحثين المتخصصين، وعدم اعتمادها على معايير جودة أكاديمية حول ما تنشره من أبحاث، فكل ما تسعى إليه هو جمع المال مقابل النشر أياً كان المحتوى، كما أنها تتحايل وتغوي الباحثين من خلال ادعاءات كاذبة بمشاركة باحثين عالميين في المؤتمرات العلمية التي تروج لها، إضافة إلى نشر أسماء باحثين عالميين ضمن هيئات تحرير مجلاتها العلمية في حين أنه ادعاء مزيف لجذب الباحثين فقط، ومع ذلك ظل مالك الشركة «سرينوبابو جيديلا» ينفي كل هذه الاتهامات لسنوات، ويواصل توسيع نطاقه العالمي من مقره في حيدر آباد، حتى أصبح لديه قرابة 1000 مجلة علمية «مفتوحة الوصول» وتقوم بنشر أكثر من 50 ألف مقال علمي سنوياً في العديد من المجالات العلمية بما في ذلك الطب والتكنولوجيا والهندسة، إضافة إلى تأسيس فريق مخصص لتنسيق عقد المؤتمرات العلمية حول العالم، وعقدت خلال العام الماضي نحو ثلاثة آلاف مؤتمر، كما ارتفعت مدخولات الشركة وأرباحها التي بلغت خلال العام الماضي 2016 قرابة 11.6 مليون دولار.

وتشير دراسة أجريت عام 2015 في مجلة «بي إم سي مديسين» إلى أن العائدات التي حققتها سوق «الأبحاث المفتوحة الوصول» المزيفة والمخادعة إلى 74 مليون دولار، مقارنة بـ 244 مليون دولار للمجلات المفتوحة ذات السمعة الطيبة و 10.5 مليار دولار التي تصدرها المجلات التقليدية من الاشتراكات العالمية. ويعتقد جيفري بيل أمين مكتبة جامعة كولورادو، وهومن أشهر المتخصصين في رصد الدوريات العلمية الزائفة على مستوى العالم وهو أول من أطلق عليها لقب «المفترسة» أي أنها تلتهم الأموال دون أي عوائد وفوائد علمية، أن ما لا يقل عن 25% من المجلات المفتوحة الوصول يمكن تصنيفها على أنها «مفترسة»، مبينا أن سبب انتشار الاستثمار في هذا المجال هو أنه ليس بحاجة إلى أي نفقات مكلفة، فكل ما يحتاجه المستثمر هو موقع على شبكة الإنترنت، على حد قوله.

وفي يونيو الماضي، تحدث البروفيسور مانوليس تيلياناكيس، وهو خبير اقتصادي بيئي يعمل لدى وكالة حكومية في المملكة المتحدة، عن تجربته السيئة مع «أوميكس» بعد إدراج اسمه ضمن أعضاء هيئة التحرير في مجلة عن تلوث البيئة وتغير المناخ تابعة لشركة «أوميكس»، موضحاً لـ مجلة «ديسموج» المتخصصة في مجالات البيئة، أنه تلقى منها دعوة عبر البريد الإلكتروني قبل نشر عددها الأول، ولكنه لم يقرأ ما يشير إلى دعوته لمراجعة أي مقالات، وأعرب عن أسفه الشديد إزاء إدراج اسمه في تلك المجلة دون موافقته، ودون أن يقوم بمراجعة أي أبحاث، مؤكداً تقدمه بطلب إزالة اسمه على الفور من المجلة.

وفي 22 نوفمبر 2016، نشرت صحيفة «أوتوا سيتيزن» الكندية تقريراً صحفياً عن تجربة أجرتها الصحيفة لاختبار جودة ومعايير النشر في «أوميكس»، ونجحت في نشر ورقة علمية في مجلة «البحوث السريرية وأخلاقيات علم الأحياء»، بالرغم أن الصحيفة تعمدت إرسال محتوى ضعيف جداً، في حين أدعت شركة «أوميكس» أن هذه الورقة اجتازت مراجعة المدققين، وأنها تقدم رؤى مفيدة في الفلسفة، بينما هي ورقة مزيفة تماما، وكانت فخ من الصحيفة للتأكيد على حقيقة «أوميكس».

أساتذة الجامعات السعودية في «أوميكس»

بالرغم من السمعة السيئة والشبهات المتداولة في المجتمعات الأكاديمية في شتى التخصصات العلمية منذ سنوات عن شركة «أوميكس»، إلا أن عدداً كبيراً جداً من الأكاديميين في غالبية الجامعات السعودية، سعوديون وغير سعوديين، يقومون بنشر عشرات الأوراق البحثية سنوياً في الدوريات العلمية ذات المعايير المزيفة التابعة لـ «أوميكس» إضافة إلى مشاركة هؤلاء الأكاديميين في المؤتمرات التي ترعاها هذه الشركة المخادعة.

وبحسب ما رصدته «عكاظ»، تجاوز عدد الأكاديميين المنتسبين لجامعات سعودية وقاموا بنشر أبحاث علمية في دوريات OMICS أكثر من 730 أكاديميا، وكان أمراً مفاجئا أن يكون من بين الأسماء باحثة أكاديمية معروفة، وهي عضو سابق في مجلس الشورى واثنان من وكلاء الجامعات، وهو ما يثير الدهشة والتساؤل.

وحول أسباب هذه الكثافة في النشر عبر «أوميكس» من قبل الأكاديميين السعوديين، أوضح لـ «عكاظ» أستاذ جامعي -طلب عدم الإفصاح عن اسمه-، أن أسباب الإقبال على نشر الأوراق العلمية في الدوريات التي تقع تحت مظلة «أوميكس» تعود إلى سهولة النشر في هذه الدوريات التي تسعى فقط لكسب المال، وأشار أيضاً إلى أن بعض الباحثين السعوديين المتقدمين لدرجة الدكتوراه في بعض الجامعات الغربية يطلب منهم المشرفون قبل مناقشة الرسالة أن ينشروا أوراقاً علمية مرتبطة بمجالهم البحثي في الدوريات العلمية، وأيضاً المشاركة في مؤتمرات علمية، وذلك حتى يضمن المشرف على أن البحث يسير بشكل جيد ويجد قبولاً للنشر في الدوريات المحكمة التي يتم التدقيق فيها من قبل باحثين متميزين في مجال التخصص، ولكن نظراً لكثرة أسماء هذه الدوريات العلمية التي ترعاها «أوميكس» إضافة إلى إدراج هذه المجلات لأسماء أساتذة كبار في مجالات البحث العلمي ضمن أعضاء هيئة التحرير بالتزييف، وهو ما قد يخدع بعض الباحثين السعوديين وأساتذتهم أيضاً، مضيفاً، أن الخطر الأكبر، هو محاولة استغفال بعض الباحثين للجامعات السعودية بمحاولة إدراج هذه الأبحاث ضمن النقاط المحتسبة عند التقدم للترقية.

أكدت أن OMICS تحتسب في الترقية بـ «نقطة»

جامعة الملك سعود لـ «عكاظ»: «مجلسنا العلمي» لا يستطيع أن يعرف مستوى كل مجلة



تجاوبت جامعة الملك سعود مع تساؤلات «عكاظ» حول ما إذا كانت الجامعة تحتسب نقاط ترقية الأساتذة الجامعيين بناء على أبحاث قاموا بنشرها في الدوريات العلمية التابعة لمجموعة OMICS، فجاء الرد عن طريق الدكتور أحمد العامري وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي، موضحاً بأنه نقل لنا رد المسؤول عن الترقيات بالمجلس العلمي للجامعة، وكان نصه كالتالي:

«لا أذكر أن رأيت أبحاث منشورة في OMICS، ولكن هي من دور النشر لمجلات (open access) ومثل هذه المجلات موجود بالآلاف على الإنترنت، والمجلس لا يستطيع معرفة مستوى كل مجلة تحديدا، وعلى الأغلب أن معظمها تجارية وغير محكمة، لذلك وضع المجلس سقف قبول هذه المجلات بنقطة واحدة فقط ضمن الحد الأدنى للترقية حتى لو نشر فيها عشرين بحثا. وبقي القول، حتى هذه النقطة من الممكن أن تلغى إذا ثبت أن المجلة hijacked أو غير محكمة من تقرير المحكمين، وسبقت عدة حالات تم إلغاء البحث المنشور لمتقدمين للترقية».

** جدير بالذكر أن الباحثين في الجامعات السعودية بحاجة إلى 4 نقاط للحصول على الترقية من «أستاذ مساعد » إلى «مشارك»، و6 نقاط من «أستاذ مشارك» إلى «بروفيسور».

«أم القرى» تؤكد تدقيقها في الدوريات العلمية

كان وكيل جامعة أم القرى للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور ثامر الحربي، هو الوحيد بين وكلاء الجامعات للبحث العلمي الذي لم يمانع من التجاوب مباشرة مع تساؤلات «عكاظ»، مؤكداً أن جامعة أم القرى تدقق في مدى مصداقية وجودة الدوريات العلمية التي ينشر فيها الأكاديميون من منسوبي الجامعة أبحاثهم فيها، مشيراً إلى أن الجامعة لديها معايير محددة في ما يخص اشتراطات النشر العلمي وآليات احتساب النقاط.

وحول ما إذا كان هناك أساتذة حصلوا على ترقيات وظيفية بناء على أبحاث منشورة في مجلات «أوميكس»، أفاد الدكتور الحربي بأنه لا يستحضر الاسم على وجه التحديد، ولكنه أكد على عدم قبول أي محتوى ينشر في الدوريات العلمية إلا بعد تفحصها والتأكد من أنها تستوفي المعايير.

وقال إن مشاركة باحثين من جامعة أم القرى في هذه الدوريات والمؤتمرات العلمية لا يعني أنهم حصلوا على موافقة من الجامعة، وقد تكون مشاركة فردية من هؤلاء الباحثين.

تجدر الإشارة، إلى أن «عكاظ» حاولت التواصل مع عدد كبير من وكلاء الجامعات للبحث العلمي في الجامعات السعودية، إلا أن البعض تهرب من الإجابة بحجة الانشغال في اجتماعات، والبعض الآخر لم يتجاوب، في حين أرسلت لهم جميعاً رسائل نصية ولم يستجب أحد.

«أوميكس» متخصصة في اصطياد العرب



قال الدكتور نايف المنتشري، الباحث في جامعة هارفارد الأمريكية، وهو أحد الباحثين الذين عملوا في مجال مراجعة وتحكيم البحوث في عدة مجلات علمية أمريكية، أن OMICS تعتبر من دور النشر الجديدة والمعروفة في المجتمع الأكاديمي بأنها شركة هدفها الكسب بالاحتيال عن طريق تنظيم المؤتمرات ونشر الأبحاث غير المحكمة واستهداف الباحثين المغمورين أو المبتدئين، وقامت إحدى المحاكم في الولايات المتحدة بإصدار حكم قضائي ضد OMICS بسبب تحايلها واستخدام أسماء علماء مشهورين للترويج لها ووضع أسمائهم في مجلاتها ومؤتمراتها دون علمهم، وكذلك التحايل على الباحثين لدفع أموال لنشر أبحاثهم الركيكة أو المشبوهة.

وأوضح المنتشري لـ «عكاظ» أن هذه المجموعة تقوم بإغراء الباحثين وبالذات العرب عن طريق التواصل معهم وإغرائهم بنشر أبحاثهم بدون مراجعة علمية حقيقية، وفي نفس الوقت تقوم بدعوتهم للانضمام لمجلسها التحريري، مؤكداً بأنه يجب أن تكون عالماً حقيقياً ولديك نتاجك العلمي الغزير لتكون محرراً في المجالات العلمية المحترمة، وهذا الشيء لا ينظر له من قبل هذه المجلات التابعة لـ «أوميكس».

وأشار إلى أن هذه الشركة تواصلت معه عندما كان لا يزال طالباً في مرحلة الدراسات العليا، وطلبوا منه نشر مراجعة علمية في إحدى مجلاتهم، وفي ذات الوقت طلبوا منه الانضمام كمحرر لتلك المجلة وهي واحدة من عشرات المجلات الوهمية التي يمتلكونها، مضيفاً، بأنهم كذلك يطلبون منك نشر بحث أو المشاركة في مؤتمر ليس في مجال تخصصك العلمي.

«الرويلي» يتفاعل وجامعة الملك سعود ترد



تفاعلت جامعة الملك سعود مع قضية التحايل العلمي من مجموعة OMICS، رداً على تغريدات نشرها عضو مجلس الشورى سابقاً الدكتور موافق الرويلي، والدكتور نايف المنتشري الباحث في جامعة هارفارد، حول الأمر القضائي الصادر ضد OMICS والذي يلزمها عن التوقف عن ممارسات الاحتيال والتزييف التي تنتهجها من أجل كسب المال بطرق غير مشروعة، وقالت الجامعة عبر الحساب الرسمي لعمادة شؤون أعضاء هيئة التدريس في موقع «تويتر» «لقد وضعناها مسبقا في قائمة المحظورات على أعضاء هيئة التدريس في الجامعة».

وردت الجامعة على ما ذكره الدكتور الرويلي، حول مشاركة أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود في مؤتمر علمي نظمته OMICS، موضحة بأن الجامعة تحظر على أعضاء هيئة التدريس المشاركة في مثل هذه المؤتمرات وأن لديها قائمة بذلك يتم تحديثها دورياً، مشيرة إلى أن هذا المشارك قد يكون باجتهاد شخصي منه أو أنه حضر المؤتمر على حسابه الخاص.

ولكن يجدر الذكر، أنه وفقاً للمعلومات التي توصلت إليها «عكاظ» فإنه يوجد أكثر من 300 باحث من جامعة الملك سعود قاموا بنشر 143 بحثاً عبر الدوريات التابعة لمجموعة OMICS،إضافة إلى مشاركة 12 أستاذا جامعياً في مؤتمرات علمية نظمتها المجموعة ذاتها.

الفرق بين البحث الحقيقي وأبحاث OMICS



وصف الدكتور نايف خلف الحربي الباحث في مجال الفيروسات وتطوير اللقاحات بمركز الملك عبدالله للأبحاث الطبية، دوريات OMICS بأنها عبارة عن مجموعة «انتهازية» تسعى للربح المالي أكثر من سعيها للنشر العلمي الموثق، مبيناً أن الفرق بين البحث العلمي الحقيقي وما تقوم به هذه المجموعة، يتضح لنا من خلال إجراءات النشر العلمي لديها، ففي أغلب المجلات العلمية مثل «نيتشر» و«ساينس» وغيرها من المجلات العلمية المعروفة، تكون عملية النشر محكمة وموثقة من قبل خبراء أكاديميين متخصصين في نفس المجال الذي طرحه الباحث، وتتم قراءة البحث وتدقيقه ونقده وإيضاح الإيجابيات والسلبيات ومكامن الخلل العلمي، سواء في إعداد الدراسة أو التحليل الإحصائي أو في عرض النتائج والبيانات، إضافة إلى تدقيق اللغة وتركيبة الكتابة العلمية، وهذا ما يسمى بالتحكيم الأكاديمي (Peer review process)، أما بالنسبة إلى OMICS فهي تدعي ذلك، ولكنه ادعاء شكلي وليس فعليا، لأن عملية التحكيم الطبيعية والمعتادة تستغرق شهرا أو شهرين على أقل تقدير بينما عملية التحكيم في OMICS تتم بسرعة عالية جداً في خلال أيام قليلة، كما أنهم لا يدققون في اختيار الأعضاء المحكمين وقد يكونون محدودي الخبرة وفي بداية عملهم المهني، كما أن غرض المحكم أيضاً الربح المالي السريع، وبالتالي يكون التحكيم شكلياً، وبالتدقيق في الفواتير التي يدفعها الباحث الذي يريد النشر في OMICS، نجد أنها فواتير خيالية وتكلفتها مبالغ فيها جدا، وهذا يدل أن هذه الجهة هدفها الحصول على أرباح مالية.

ويرى الدكتور الحربي أن السبب الرئيسي الذي يدفع بعض الأكاديميين السعوديين تجاه نشر أبحاثهم عبر مجموعة OMICS، هو حاجة بعض الأكاديميين الملحة للنشر العلمي، موضحاً بأن السلم المهني للأكاديمي في الجامعات السعودية ينبني على النشر العلمي وليس على البحث العلمي، وأيضاً نظام الترقية في وزارة التعليم والمطبق في جميع الجامعات السعودية هو نظام مبني على النقاط، ويتم الحصول عليها من خلال النشر العلمي، وتزداد النقاط في حال النشر المنفرد للبحث بدون باحثين مشاركين (Single author)، وهذا الأمر يدفع الباحث للسعي نحو نشر أكبر قدر من الأبحاث بهدف الترقية بغض النظر عن مدى جودة البحث، ولذلك يقعون في فخ مجموعة «أوميكس»، وهو فخ جذاب جدا لأن النشر يتم في مدة وجيزة ولا يتعرض لعراقيل من قبل المحكمين، في حين أنه في حالة التحكيم الطبيعي كما هو متعارف عليه في المجلات العلمية المعروفة، من الممكن أن يطلب المحكم إعادة جزء من الدراسة وقد يطلب تجارب أخرى لم يقم بها الباحث، وقد يستغرق التعديل ستة أشهر في العديد من الحالات، ولذلك لا يبالي بعض الباحثين في دفع مبالغ باهظة تصل إلى 3 آلاف دولار من أجل النشر السريع في تلك المجموعة، وهذا هو السبب الوجيه لبعض السعوديين الذين يلجؤون للنشر لدى «أوميكس».

الأسباب والدوافع من وجهة نظر أكاديمية

قدم الدكتور ملفي الرشيدي «عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل» تحليلا وافياً حول أبرز الأسباب التي تدفع بعض الباحثين في الجامعات السعودية القيام بنشر الأبحاث العلمية في دوريات غير موثوقة، وقال في تصريحات لـ «عكاظ»، أن مشاركة الباحثين السعوديين في نشر أبحاثهم عبر دوريات OMICS أو معابر النشر الأخرى التي يدور حول موثوقيتها ومصداقيتها العلمية لغط كبير، قد لا يختلف عن الأسباب الموجودة لدى باحثي دول العالم الثالث أو قلة من باحثي العالم الأول، ولعل من أبرزها:

1- عدم وجود معايير صارمة في ما يتعلق بمنافذ النشر المقبولة، خصوصا في الأبحاث غير المدعومة مالياً والتي تتحول لاحقا لنقاط للترقية

2- عدم وجود ما يسمى بالتلمذة Mentoring والتي هي مهمة جدا للباحثين صغار السن والذين قد يقعون ضحية للكم الهائل من الدعايات البريدية

3- مرتبط بطرق الخداع المتقدمة التي تُمارسها بعض من دور النشر هذه، والتي قد لا يستطيع الباحث الجديد اكتشافها إلا بعد دخوله في هذا المعترك، وكثير منها لا يتم اكتشافه بسهولة

4- قلة المؤتمرات العلمية المحلية المحكمة علميا التي تُعقد لدينا بإشراف الجامعات، كذلك قلة المجلات العلمية المحكمة مقارنة بالزيادة المضطردة بأعداد الباحثين لدينا ومتطلبات النشر العلمي

5- عدم استخدام أدوات أو شبكات التواصل المهني بشكل فعال مثل «لينكد إن»، إذ بالإمكان التواصل مع باحثين معروفين، وبالتالي زيادة الوعي والجودة البحثية.