-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
الاحتياط واجب و«اللي ينقرص من الداب يهاب الحبل، واللي يتلسع من الشربة ينفخ في الزبادي»، مثلان شعبيان الله يرحم من قالهما، طبعا أكيد أن المثلين ليسا لشخص واحد وذلك واضح من الأسلوب، وعلى ذكر الأمثلة فلكل بلد أمثلته التي في النهاية هي تعطي نفس المفهوم، واعتبر هذه الأمثلة هي حكم بنكهة شعبية «والشعبي يؤكل كله»، وهذا أيضا مثل الغاية منه أن الشيء البلدي على طبيعته وبساطته ألذ من الاستيك والساندوتش والأطعمة التي طلعت علينا ما أدري من وين. نرجع لمثلنا الأول، وتكملة للفكرة يقولون الذي يأكل المقلب أول مرة غير حريص، ولكن الذي يأكل نفس المقلب مرة ثانية غبي مع سبق الإصرار والترصد.

والحقيقة هناك أمثلة كثيرة تلقي الضوء على كيفية تعامل الإنسان مع هكذا أمثال وحتى لو لم يسمعوا بها، وأخذنا كمثل أسواق المال التي لدغ منها معظم المتعاملين في اليوم المسمى بالأسود طبعا عند الغالبية، والأبيض عند الأقلية، التي لهطت تعب مئات الآلاف من الناس وشفطت عرق جبينهم ومزمزوا كمان فيما بعد على فتافيت أسهمهم كـ«حلى»، وضحكوا على دموعهم لأنهم بنظرهم أغبياء، وبالنسبة لهم الغبي هو الوجبة المفضلة، فاتعظ جزء كبير منهم (أي الأغبياء) بعدما قال لهم الهوامير وبعين قوية «انتهى الدرس يا غبي»، وساروا على المثلين اللذين ذكرتهما في صدر المقال، وبطلوا في التعامل مع السوق الذي ما جاب لهم إلا السوء.


ولكن دائما تكون هناك فئة لا تتعظ والله لو تلدغ من الجحر نفسه عشرين مرة، تقول له تيس يقول احلبه. ويحط القرشين التي رجع وجمعهم من هنا وهناك ثاني مرة وبنفس الأسلوب والمجازفة، وعلى باله الجو خلا له، يا عم وين باتروح والحبل مزرور، يا بابا حتى الجو ما سلم «دول» ياكلوه هم هم، وهات يا لهف من الجيم إلى الألف ويقولون كمان، أما الأراضي فحتى التراب أكلوه، أنت ما تسمع البعيد «كل تراب»، ترى ما هو قصدهم التهزئة كما تظن يا أبله «يا مدرسة»، كل تراب هذه كلمة السر لسف الأرض التي عليها العين، وما تشوف ما يقولونها إلا للشركاء والمحبين يعني يعني يمزحون، عموما حتى تحتفظ بأدنى الفائدة تكفي يا أخ أعطي العيش لخبازه ولو يأكل «تلات تربع»، هذا إذا بقي عيش، وأنا أعتقد أنك حتعيش وتأكل غيرها، «اللي ما يعرف الصقر يشويه» وهو مثل للذي ما يقدر الرجال والأحوال، وهذا المثل مطبق «بدون جبن» على السوق الذي لو كان رجلا لقتلته، السوق هو مثل سقته «بعناية» دون مطبات لنحسن اختيارنا «للبزنس» الذي نود الخوض فيه، لأنه مع الأسف كلها صارت «بزانس» يا ويل بس تغفل عنها وعينك ما تشوف إلا النور، طبعا من الكف الذي يجيك على غفلة وعلى عينك يا تاجر أو على قفاك يا مسكين، وعلى قول أم كلثوم وبلهجتها صعبان عليه قفاك، ومن ثم صيادين السوق يضحكون وبصوت مجلجل يقولون خليناه وقفاه «يأمر» عيش.

وما ذكرته ينطبق على كل الأعمال التي ينوي الإنسان ممارستها، ما ضَل من استخار وما ندم من استشار، والخلاصة نصيحتي لا تشرب الشوربة قبل ما تنفخ على المعلقة، ويا الله السلامة.