-A +A
حمود أبو طالب
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن آخر حلقة من مسلسل أمطار جدة تجعلنا نفكر في بقية المدن وبقية المشاريع القائمة فيها، ربما لأن المدن الكبرى أو مدن الواجهة تحظى بالتركيز والاهتمام الإعلامي فإننا نغفل عن بقية المدن ولا نفكر في مستوى جودة مشاريعها، وماذا سيحدث لها إذا ما واجهت تحديات الطبيعة. دعونا نكون واقعيين ونقول إذا كانت المدن الكبرى التي تقع في مرمى نظر المسؤولين، ويعرفون أحياءها وشوارعها وخدماتها، إذا كانت كما هو حال مدينة جدة فكيف بالمدن الأخرى البعيدة عن العين والاهتمام.

نستطيع الجزم بثقة كبيرة أن المشاريع التي تنفذ في المدن البعيدة عن المركز أسوأ بكثير من الموجودة في مدن الواجهة إنه جزم بديهي ومنطقي فعندما يجرؤ الفساد على ضرب مفاصل الواجهات ما الذي سيمنعه من العبث في مدن الكواليس النائية. المسؤول الذي يمارس الفساد في الرياض أو جدة أو مكة أو المدينة أو الدمام المكتظة بملايين السكان والتي يزورها باستمرار كبار مسؤولي الدولة، كيف لا توجد نسخ كثيرة أسوأ منه في المدن الأخرى، تمارس فسادها بأريحية شديدة لأنها منزوية في الظل.


إنني أتخيل، فقط أتخيل، كيف لو شاء الله أن تتزامن الأمطار الغزيرة التي تهطل على جدة مع أمطار بنفس الغزارة في الرياض وبقية المدن الكبرى، وأيضا على المدن الطرفية جميعها، ماذا سنكتشف وكيف سيكون الحال؟. حتماً سنكتشف كارثة لم تتكرر في التأريخ عندما نجد أن كل مشاريع الوطن مشوهة وناقصة ومغشوشة ومضروبة، مجرد هياكل هشة منخورة بفساد الذمم.

علينا أيها السادة المسؤولون عن الوطن أن نقف وقفة ضمير تأريخية وحاسمة مع الوطن، علينا أن ننهي مرحلة بائسة ومخجلة لن تغفرها لنا الأجيال القادمة إذا استمرت أكثر. نحن الآن عندما نتصفح بعض الأخبار المنشورة قبل أربعين عاما سنجد أن أخبارنا اليوم نسخة منها لجهة تعثر مشاريع البنية الأساسية والمرافق الخدمية، وسيكون عاراً كبيراً لو كانت هي نفس الأخبار بعد أربعين عاما.