-A +A
إدريس الدريس
هل التغني بالتاريخ وبالأمجاد الغابرة محفز لنا ولمسيرتنا التي توجب علينا اللحاق بالحضارة والمعاصرة؟!

وهل الحقن المستمر بما كان عليه أجدادنا قبل مئات السنين من حضارة غابرة ومقارنة ما كانوا عليه بما نحن عليه الآن يمكن أن يكون سبباً لاستنهاض الهمم ونفض غبار التخلف الذي جعلنا حالياً في مؤخرة ركب الأمم المتقدمة؟!


ربما يكون ذلك مفيداً لو أن الجرعة المشحونة تاريخياً محتملة ومنطقية، لكن ما يروى ويحقن في رؤوس طلابنا من معلومات عن تاريخ العرب والمسلمين الزاهي فيه قدر كبير من الهياط والمبالغة التي صاغها مؤرخو تلك الفترات وهم في تبهيرهم وما أضافوه من خيال واسع على كثير من المرويات يماثلون مخرجي أفلام الأكشن في هوليوود، بل إن كثيرا من مبالغاتهم وإضافاتهم التي تخامر العقل مطابق لخيال أفلام بوليوود الهندية والتي ترتقي بفارس الفيلم وحاشيته إلى جعله أسطورة يحلق معها المشاهد الهندي البسيط وهو ماكث على مقعده ثم يخرج من صالة السينما منتشياً بانتصار البطل على الظلم والعنصرية والفقر ثم ليفوز بقلب معشوقته وتصفيق مؤيديه.

أعلم يقيناً أن مجد الحضارة العربية والإسلامية قد مهد الأرضية الصلبة علمياً لانطلاق الحضارات البشرية قاطبة من خلال بناء الجديد على ما سبقه من تركة الإغريق والرومان والفينيق والهنود وغيرهم، بحيث كلما جاءت أمة أضافت على ما قبلها، وعليه فإنني مدرك لكل ذلك، لكنني أرى أن الوقوف عند تلك المرحلة التاريخية والتغني بأمجادها وإرجاع أصل كل ما هو جديد ومعاصر لجذورنا الإبداعية واكتشافاتنا السابقة من شأنه أن يكون معوقاً ومخدراً ومانعاً للإبداع.

ليتنا نخفف من وطأة النوم على وسادة التاريخ وعلى ما قد كان، والنظر إلى ما هو كائن من تخلف وأمية وفقر ونزاعات تضرب أطنابها في مفاصل معظم الأقطار العربية والإسلامية، ومحاولة الخروج من هذه الحفرة ورسم المخطط لما يجب أن يكون عليه الحال من مواكبة لأسباب التقدم العلمي والحضاري، وذلك حتى نحتل مكاننا اللائق والمستحق في طابور الحضارة المعاصرة.

IdreesAldrees@