-A +A
علي بن محمد الرباعي
كان الشتاءُ قاسياً فوق العادة، احتشدت غيوم سوداء، كأنها غريمٌ فضٌّ على موعد بتصفية الحسابات مع مديون معسر. مع حلول الظلام، بدأت خيول البرق تتراكض من شرق وشام «وإذا ناض البرق من شام، طرّف قدورك تحت المرزام».

نزلت «أم سفر» إلى السفل، اطمأنت على بقرتها وحسيلها الرضيع. تناولت شقاقتين من قرض، وسمّت على البقرة والحسيل بالرحمن، سائلة الله أن يطرح فيهما البركة، فهي العائل الوحيد للأيتام بعد الله، شبّت قبسها. تتابع قصف الرعود، وكلما ضربت الصاعقة على عتبة الباب، احتضنت الأرملة صغارها، ورددت (عِزّ واليك، سبحان منشيك، عالم ما فيك، يا الله كلنا ولا تكل معنا كافرين).


كان اثنان من السرّاق يتشاوران على غزوة الليل، مرّا بعدد من الساحات، على أمل توفر ما يمكن لقطه، ولم يتمكنا، قال أحدهما: يا أخي أخشى يرسل الله علينا برقة وتحرقنا، الناس مسترحمين في بيوتهم، وأنا وأنت نتسرّق. ردّ الآخر: في وجهي ما عندك خلاف، أربه ما هلا (منصور، ومشهور) السراق، أهل القرية كلهم حرامية، وما جرى عليهم خلاف.

سلكا المساريب المسقوفة، ليحتميا من البلل، ولم يتوقفا إلا عند باب سفل بقرة الميتم، قال منصور: عليّه البقرة، وعليك الحسيل، وموعدنا الغار في الفيض، لم يجتازا القرية، إلا والفقيه ساقتهم، فاجأهم: وين غادي ببقرة الميتم يا السَرَق؟ ساومهما حتى اتفقا على أنه ثالثهما في الغنيمة، ولكن اشترط عليه منصور، أن يمشي خلف البقرة، ويتلقف في حثله ما يخرج منها حتى لا يرصدون جُرّتهم.

عاد معيض ابن العريفة من المحايدة، ومعه لأبيه هدية «إتريك» لم تكن القرية تعرف الأتاريك. صاحت الأرملة «يا بقرتي بقرتاه» تسامعت القرية بسرقة بقرة وحسيل، جمع العريفة الجماعة في بيته، وقال: العلم خير الحرامي ما عرفناه، ومعيض أنا فداه جاء لي بجهاز هنيه كل من يضع يده عليه يعلّم بكل ما سواه في حياته، وذلحين بانزل أزهب عشاكم، وبعد العشاء، يصير خير، وقبل ما يضع عشاه، كان ثلاثة متلثمين مسربين. صاح عليهم: وقفوا: قالوا: يا عريفتنا ما من شجرة إلا وهزّها الهواء. علمي وسلامتكم.

Al_ARobai@