-A +A
حمود أبو طالب
الاستعداد لارتكاب ممارسات الفساد، خصوصا المالي بأشكاله ومسمياته المختلفة، تتداخل فيه عوامل كثيرة تعود إلى الجانب الشخصي وجانب البيئة التي يعمل فيها الشخص. هناك أشخاص لديهم نزعة ذاتية مستعدة لاقتراف الفساد تشكلها عناصر متعددة، ربما تقول لهم قناعاتهم إن ما يفعلونه مشروع ولا خطأ فيه، وربما يهوى بعضهم المغامرة والمقامرة بالدخول إلى عالم الفساد واضعاً في ذهنه إمكانية الخروج منه بسلام بعد تحقيق مستهدفه، ولكن في كل الأحوال لا يمكن للفساد أن يكون ممكناً ومتفشياً إلا بوجود بيئة خصبة وحاضنة تسهل ممارساته وتغطيها بكثير من الأقنعة.

في حالتنا، توجد كثير من الأنظمة المالية والإدارية المصممة بثغرات واسعة ينفذ منها الفساد بسهولة، وعندما ترافقها أنظمة رقابية أسوأ منها يصبح فساداً يسيراً وآمناً، لأن كل هذه الأنظمة يتم تطويعها بسهولة لتكون النتيجة ما يمكن اعتباره فساداً نظامياً، يمكن لأي أحد أن يجزم بأنه فساد لكن يصعب جدا أن يجد مادة نظامية تثبته وتؤكده. مبالغ فلكية تم نهبها من المال العام بسبب الأنظمة الرديئة التي لم تتغير أو تتحسن منذ عقود طويلة، فقط اقرؤوا نظام المشتريات والمنافسات الحكومية، أو أنظمة المشاريع والصيانة، أو تشغيل المرافق الحكومية، كي تكتشفوا سوءها الشديد وتسببها في خلق أفضل بيئة للفساد.


وطالما نحن قد بدأنا انتفاضة تأريخية ضد الفساد فمن الضروري جداً سن أنظمة مالية وإدارية ورقابية جديدة تجفف بيئة الفساد وتصد نزعات الفاسدين، بدلا من مطاردتهم بعد ارتكاب جرائمهم.

habutalib@hotmail.com