-A +A
عيسى الحليان
تجاوز الملك سلمان بن عبد العزيز كل الأطر الشكلية لمكافحة الفساد، مثل هيئة مكافحة الفساد أو الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة وبقية الهيئات والكيانات الموازية ودخل في الموضوع مباشرة، في حين كانت الإجراءات السابقة تعتمد على الشكل دون المضمون، وبذلك ولدت مثل هذه الإستراتيجيات والهيئات والأنظمة والنصوص ميتة قبل أن تولد وظلت تدور حول شكليات إجرائية لإلهاء الناس قبل أن يعمل الملك سلمان على اتخاذ إجراءات تنفيذية لاجتثاث الفساد من جذوره من خلال لجنة (فعل) وليس لجنة (ورق).

لن نسيء إلى أحد ولن نشمت بأحد كائن من كان، فكل متهم هو اليوم بريء حتى تثبت إدانته وهذا هو منهج هذه الدولة أعزها الله منذ قيامها إلّا من مارس عملا مشينا في حق الوطن أو استغل سلطته في نهب مقدرات البلد وثرواته، فلا بد أن يواجه مصيره المحتوم بالعدل والمساواة وهذا أمر متروك للجهات المختصة والسلطات القضائية.


سوف يدخل هذا الملك التاريخ من أوسع أبوابه، لأنه يقوم اليوم بعمل غير مسبوق في تاريخ هذه الدولة المجيد، وليثبت بالفعل لا بالقول أنه أحد المصلحين الكبار في سبيل تتبع مواقع الفساد، وأن الأشخاص مهما علت مراتبهم وتضخمت ثرواتهم وارتفعت مكانتهم الاجتماعية سواسية في مواجهة القانون، بعد أن ظل الناس ينظرون إلى الأطر والأساليب المطبقة لمكافحة الفساد على أنها موجهه للصغار فقط، وبعد أن أيقنوا بأن للكبار حصانة تمنع القانون من الوصول إليهم مهما بالغوا في نهب مقدرات الوطن وسلب ثرواته.

الأكيد أن الفاسدين والمتنفذين في هذا البلد (ولا أتهم أحداً بعينه) قد بالغوا في نهش أوصال الوطن ونهب ثرواته والإجهاز على مقدراته لدرجة أنك تسمع قصصا أسطورية لا يمكن تصديقها عن مظاهر هذا الفساد والصفقات من تحت الطاولة وشد لي اقطع لك، وبالتالي لم يعد لهذا السرطان من حل إلّا باستئصاله على يد جراح ماهر ومواجهة الحقيقة المرة كما هي من دون رتوش أو مواربة، كما كان الأمر بالماضي! الحق يؤخذ ولا يعطى، ومجرى التاريخ لا يتغير إلّا باتخاذ الإصلاحات الكبرى والتضحيات المؤلمة التي تستند إلى نية صادقة أولا وإجراءات صارمة ثانيا.

Alholyan@hotmail.com