-A +A
بشرى فيصل السباعي
انتشرت مؤخرا حالات تزوير من لهم ولاية قانونية على المرأة لتقارير طبية تزعم بأنها مريضة نفسيا لكي يحجر عليها وليها ويجردها من أملاكها ويطردها حرفيا إلى الشارع وإن كانت زوجته أو أمه، كما رأينا في حالات صادمة عرضتها البرامج الحوارية، أو يحبسها بمستشفى الأمراض العقلية، وهناك أزواج يزورون تهمة المرض النفسي للزوجة بقضايا الطلاق ليحرمها من حضانة أولادها، وأيضا في قضايا العنف والعضل الأسري المرفوعة لتبرير اضطهاد الفتاة وحرمانها من أبسط حقوقها الشرعية ورد دعواها القضائية، وتوظف تهمة المرض النفسي بشكل تعسفي قمعي انتقامي بدور رعاية الفتيات بتحويل النزيلة إلى مستشفى الأمراض العقلية لوضعها على نظام من المهدئات القوية التي تتركها بحال خمول ذهاني كما صرحت نزيلات سابقات، وبسبب الكليشيهات الخاطئة بالثقافة السائدة التي تزعم أن النساء كائنات هستيرية بطبعهن، فهناك انحياز مسبق لتصديق المزاعم المزورة ضد النساء بالمرض النفسي، وبالمناسبة دراسة العلماء لآليات المعالجات العاطفية بالدماغ للجنسين أثبتت أن كلا الجنسين عاطفي وتتم المعالجات العاطفية لكليهما في ذات المركز الدماغي، والنوع الوحيد من البشر الذي هو عقلاني بشكل متجرد تماما من العاطفة هم المصابون بمرض السيكوباتية من الجنسين، فتبين أن لديهم ضمورا بمركز المعالجات العاطفية بالدماغ وهذا يعني أنهم مجردون من مشاعر التعاطف والرحمة وتأنيب الضمير، ووظفت تهمة المرض العقلي بشكل تعسفي محدود ضد الآباء كبار السن الأثرياء الذين يحجر عليهم أولادهم دون خلل عقلي حقيقي لمجرد أن الآباء أرادوا اتخاذ قرارات يعتبرها الأبناء تقلل من إرثهم مثل التبرعات المالية الكبيرة وإبراء الذمة، وحتى لو كانوا مصابين بأمراض نفسية فليست كل الأمراض النفسية تصيب صاحبها بخلل في الإدراك وهلاوس وسلوكيات مختلة تبرر تجريدهم من أهليتهم وأملاكهم وأبنائهم، فالكآبة تصنف كمرض نفسي وعانى منها أذكى الناس وأرجحهم عقلا ولم تؤثر على رشد قراراتهم، والإمام أبو حامد الغزالي شرح معاناته مع مرض الاكتئاب بكتابه «المنقذ من الضلال»، لكن ضعف الثقافة النفسية تجعل كل الأمراض العقلية والنفسية تصنف تحت وصمة واحدة وهي «الجنون»، ولهذا يمتنع كثيرون ممن يحتاجون لعلاج نفسي عن مراجعة معالج نفسي ويعانون طوال حياتهم من صعوبات نفسية تخوفا من وصمهم بالجنون، وبالتأكيد من يقرأ ويسمع إساءة استغلال السيكوباتيين لهذة الوصمة للحجر على أقاربهم وسلبهم حقوقهم لن يلومهم، ووقف استغلال وصمة المرض النفسي لتجريد فئات مستضعفة كالنساء من حقوقهم يعتمد على سن أنظمة تقطع الطريق على هذا التضليل المتعمد للعدالة.

bushra.sbe@gmail.com