-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
في أعيادنا وأفراحنا ومناسبات كثيرة حتى في شهر الصوم، يختل غذاؤنا وتختل معه الصحة والتلبك الهضمي، وفي ذلك تتعدد الأسباب ومنها عادات اجتماعية نصبح فيها جزءا من هذا السياق. أيضا في أيامنا العادية يتزايد هذا الخلل ليس بكثرة الطعام، بقدر ما هو ضعف ثقافة التغذية وافتقار الوجبات لقيمتها الغذائية المطلوبة، بالتركيز على وجبات اللحوم المشبعة بالدهون، أو الدجاج جاهز الطهي، حتى كاد الإنسان يفقد مذاق الطعام، ولذلك كثرت استخدامات المتبلات والشوي والتحمير، وبالتالي ضخ كميات كبيرة من الكوليسترول تخنق الشرايين.

المعدة بيت الداء وقد أخبرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه» وهذه قصة معقدة ومزمنة لبعض البشر الذين لا يتركون الطعام إلا والمعدة كاملة (التفويل) فتثقل أدمغتهم وأجسادهم ونشاطهم، ويعسر ويتعثر هضمهم ولا ينفك التعب إلا بأدوية الفوار، ومع هذا السلوك الغذائي الخاطئ تتكالب المتاعب الصحية خاصة مع ظهور أمراض مزمنة كالضغط والسكر وكذلك السمنة.


الطعام ضرورة لحياة الإنسان، فنحن نأكل لنعيش لكن عادات البعض يبدو معها وكأنه يعيش ليأكل، وهذا هو الخطأ والخطر عندما يختزل غايته ومتعته في تناول ما لذ وطاب ولو كان ضارا، إنما السلامة في الفطور الصباحي المفيد، ووجبة رئيسية متوازنة مسبوقة بقدر من الشوربة والسلطة الخضراء مثلا، وكذلك بعض من الفاكهة بين الوجبات، ولا ننسى الماء الذي هو سر الحياة في كل شيء، ومنها الصحة إن داومنا على جرعات منه مع الصباح الباكر والإكثار خلال اليوم.

وكما هي مشكلات عدم تنوع الوجبات، هناك من لا ينتظم في تناولها بسبب مشاغله اليومية أو ارتباك نظامه الحياتي في صحوه ومنامه، وهناك من يتناول الوجبة ويتبعها بالنوم، فلا يهنأ فيه براحة جسد ولا يصحو منه بصفاء ذهن ومزاج سليم.

هذه ليست نصائح لأن الجميع يعرفها من خلال وسائل المعرفة الحديثة، أو من اضطرته متاعبه الصحية إلى التعايش مع ضوابط الممنوع والمسموح من الأطعمة، لكن ملاحظتي هذه لمجرد التذكير بجودة ونوع الغذاء وليس على طريقة (العين تأكل قبل الفم) وما أكثر ذلك في حياة العصر التي أغرقت الإنسان في ثقافات غذائية خاطئة، تكرسها المطاعم، والمعلبات والوجبات السريعة، بل وبرامج الطهي في قنوات فضائية خاصة بذلك على مدار الساعة، وقنوات أخرى يتبارى فيها كل (شيف) بأكلاته التي تنتقل إلى موائدنا، على طريقة (اسأل مجرب) ونتيجة كل ذلك كثرت الزيارات للطبيب بسبب إغراءات المذاق وليس ثقافة الغذاء السليم.

عندما يصاب الإنسان بوعكة صحية من متاعب الهضم أو حالة السمنة وحتى في القلب والكبد والأمراض المزمنة، يكون أول العلاج تنظيم الغذاء إلى جانب الأدوية الطبية إذا لزم، وإذا غاب هذا التنظيم، فلا علاج يفيد ولا يتشافى المرض ولا يذهب العرض.. أيضا الرياضة كثيرون يدفعون ثمن إهمالها، فبدقائق منها، ولو المشي، يعيش الإنسان بصحة أفضل ونفسية سليمة للحياة، وتلك هي المسألة لتحقيق درجة أفضل من جودة الحياة المطلوبة في كل شيء حتى في التفكير والتخطيط لتفاصيلها.

ليت عاداتنا الغذائية تتخلص من المثل الدارج (ساعة البطون تغيب العقول) بل الاهتمام دائما بالغذاء السليم، وأن نستحضر دائما الآية الكريمة «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين»، كل عيد وأنتم بصحة وعافية.