-A +A
محمد أحمد الحساني
في عام 1385هـ سمعت ورفاقي في الحارة من المراهقين بفوز نادي الوحدة بكأس الملك فقررنا التوجه فوراً إلى مقر النادي وعرض أنفسنا باعتبارنا «لاعبي حواري» لنا مستقبل!، فتم الترحيب بنا في درجة الناشئين، وكان مدرب النادي هو الكابتن حسن سلطان «رحمه الله» وهو نفسه مدرب المنتخب، وكان أستاذاً للنجم الإعلامي والرياضي علي داوود في مجالي الرياضة والتلفزيون في بداية مشوار الداوود في برنامج للرياضة كان يبث من التلفزيون أيام الأبيض والأسود! وقد صرفت لنا قمصان وسراويل تحمل شعار النادي تناسب أعمارنا وأجسادنا، وعند حضوري لأول تمرين «في ساحة إسلام» وجدت أن موهبتي الكروية متواضعة أمام معظم المتدربين، ولكنني واصلت التمارين لعل وعسى! وذات يوم كان المدرب يعلمنا طريقة تثبيت الكرة، إذ جاءت طائرة من لاعب زميل ومن ثم الزحف بها إلى عرين النادي المقابل فقذف الكرة عالياً فاصطدمت في ركبتي وفشلت في تسلمها بطريقة صحيحة فكرر المحاولة ففشلت فغضب حسن سلطان وضرب ساقي بسلسلة الصفارة التي كان يحملها أثناء التدريب، فكظمت غيظي حتى رمى لي الكرة مجدداً فضربتها بقدمي بقوة قبل أن تلامس الأرض فطارت خارج الملعب، فاشتد غضبه من حركتي وقال لي: عمرك ما تفلح قط في هذا الميدان، وقد كان! حيث إنه كان آخر تمرين لي في النادي. وأذكر أننا كنا بعد كل تمرين نذهب إلى مقر النادي فنؤدي صلاة المغرب جماعة، وبعد الصلاة نلزم بشرب كأس كبيرة «مُغْراف» من الحليب يعدّه رجل اسمه «رمضان»، ومن لا يشرب يشكوه للمدرب، وفي تلك الأيام رأيت لأول مرة رئيس النادي الأستاذ عبدالله عريف (رحمه الله)، وكان أميناً للعاصمة المقدسة ولمست منه حرصاً على أبنائه اللاعبين وسؤاله الدائب عن مستواهم ومدى انتظامهم في التمارين، ورأيت في فناء النادي وفي الملعب شابا أسمر يسمونه «بكَكَا» يجمع الكرات وينظف الملعب ويشجع اللاعبين بكلمات غير مفهومة لصعوبة لديه في النطق، ويقال إنه كان سليماً، ولكنه تظاهر بالإعاقة والله أعلم. وبعد نحو خمسين عاماً وجدت نفسي عضواً في مجلس إدارة النادي الذي ترأسه الأستاذ علي داوود فحاولت الاعتذار عن تولي هذه المسؤولية فلم يقبل عذري، فتعمدت عدم حضور معظم جلسات المجلس لعلي أفصل منه بسبب الغياب عن ثلاث جلسات فلم يفعلوا ذلك، وأصبحت في نظر نفسي وفي نظر زملائي في المجلس عضواً غير فاعل، ولما انتهت فترة تكليف المجلس وكان لمدة عامين تنفست الصعداء. أما النادي فلم يزل من منحدر إلى منحدر، وكان آخر بطولة حققها في مجال كرة القدم عام 1386هـ أي قبل ما يزيد على نصف قرن.. وقد أردت بهذه الذكريات ترطيب صيفكم الحار وسلامتكم.