-A +A
هاني الظاهري
من الواضح أن حفلة التنكر القطرية لحقيقة التحالف السري مع طهران انتهت تماما وبدأت فقرة الرقص القطري علانية في الملهى الإيراني، وهذا أمر صحي وجيد لدول المنطقة ومن حسنات المقاطعة التي لا تحصى، فعدو واضح أفضل بمليون مرة من عدو متربص يتخفى خلف أقنعة وثياب الجيرة والصداقة.

إعلان حكومة قطر رسميا عودة سفيرها إلى إيران، ليس سوى تحصيل حاصل، فالنظام الإيراني موجود بقوة في قلب الدوحة ويدير سياسة قطر الخارجية منذ فترة طويلة، بل إن النظام القطري نفسه لم يكن طوال العقدين الماضيين سوى حصان طروادة إيراني لاختراق مجلس التعاون الخليجي، لكن ما لا يدركه هذا النظام أن الزمن تغير والمواجهة مع طهران باتت الخيار الأول للقوى الدولية الكبرى بعد انهيار مشروع أوباما، الذي سعى بسذاجة سياسية متناهية للتقارب مع الإيرانيين، مرتكباً خطأ تاريخيا قررت الإدارة الأمريكية اليوم تصحيحه بقيادة الرئيس دونالد ترمب، معلنة أن إيران في ظل نظام الملالي هي وبدون أي مبالغات البقعة الأولى لصناعة وتصدير الإرهاب على سطح هذا الكوكب.


في مقال لي بعنوان «زمن ظهور حاكم قطر جواد ظريف» نُشر في هذه الصحيفة أواخر يونيو الماضي، أشرت إلى أن الإيرانيين يديرون فعليا ملف الأزمة القطرية من قلب الدوحة، وأن وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ليس سوى دمية يحركها وزير خارجية إيران جواد ظريف، ولمحت حينها إلى أن نائب ظريف «حسين جابري أنصاري» يقود غرفة العمليات في حكومة قطر بشكل لا يمكن إنكاره أو تغطيته بإعلان أنه في زيارة رسمية عابرة بهدف تجنب غضب الشارع القطري المعادي لكل ما هو إيراني.

والحقيقة أن حكومة قطر بقيادة من يوصف بالأمير الوالد حمد بن خليفة (وهو الحاكم الفعلي وليس ابنه تميم) لجأت بهلع غير مسبوق إلى إيران وسلمتها ملف إدارة الأزمة فور إعلان المقاطعة، لأنها تعتقد أن فريق ظريف أعلى كعبا في إدارة ملفات المفاوضات السياسية مع القوى الدولية، مستندة في ذلك على نجاح تجربة المفاوضات الدولية التي تمخضت عن الاتفاق النووي مع أنه اتفاق بات حاليا في حكم المتوفى الذي ينتظر الدفن.

انطلق بعد ذلك جواد ظريف في جولة مكوكية لدول شمال أفريقيا هدفها شراء الأصوات لصالح قطر وتحييد مواقف تلك الدول من الأزمة، أما الهدف غير المعلن فهو إشعار دول العالم بأن قطر باتت تحت السيادة الإيرانية المطلقة، وعلى جميع القوى الدولية أن تتعامل مع طهران إن أرادت التعامل مع قطر في أي شأن سياسي، وهذه مسألة من المضحكات في عالم السياسة، فالإيرانيون بسياستهم الخارجية عاجزون تماما عن إنقاذ بلادهم من العقوبات الدولية، ولو كان لدى الحكومة القطرية عقل أو منطق لأدركت ذلك قبل أن ترقص في الملهى الإيراني المشبوه.