-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
منذ أن فرض الحج على المسلمين وهو لا يقبل القسمة لا على اثنين ولا على أكثر، هو شعيرة فرضت على من استطاع إليه سبيلا، ومن ذلك الوقت والحج ظل وسيظل للمؤمنين الخلّص الذين يحجون بقلوبهم وعقولهم قبل أجسادهم، مستشعرين عظمة الفريضة، فيرتقون بأخلاقهم ومن ثم بتصرفاتهم إلى ما دعت إليه هذه الشعيرة من ترك الخصام والأحقاد، فهو موسم الحصاد.. ألا يكفي أن تعود كيوم ولدتك أمك، يا لها من جائزة عظيمة من لدن أكرم الكرماء الرب الرحمن الرحيم، أيام قلائل لا رفث فيها ولا فسوق فتجني ذلك الربح العظيم.

أعجب من أناس يأتون من دول بعيدة للحج وقد يكون ذلك مرة واحدة لا تتكرر، ولا يصبرون على ما قد يواجهونه من بعض العناء الملازم للشعيرة فيضيعون حجهم بكلمة من هنا أو فعل من هناك يخسرون نتيجته حجهم، وكأنك يابو زيد ما غزيت، لو قلت لأحدهم افعل الأمر الفلاني وستفوز بسيارة أو فيلا لبذل قصارى جهده والتزم بكل تعليمات تلك المسابقة بحذافيرها، مهما كان فيها من نصب وتعب ومجهود، وإذا فاز بها كأنه أتى برأس كليب وعنترة مجتمعين، وإذا خسر تجد على وجهه غبرة وترهقه قترة لخسارته كسبا من مكاسب الدنيا، هذا عن الشعوب والأفراد أما الأدهى والأمر، فهو ما تقوم به بعض الحكومات وبالذات ملالي طهران من تسييس للحج، وإثارة الشرور، وكأنها لم تكتف بما تقوم به خلال كل العام من آثام وجرائم ورعاية للإرهاب، وخلق أجواء محتقنة في كل أرجاء العالم الإسلامي. وبالذات في الخليج هي ومن يساعدها من إخواننا العرب الذين هم الأحرى أن يسمى النفر منهم بالخوان.


ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وهم يعيثون فيها فسادا ويشعلون نيران الفتن، فيتربصون بالمسلمين في أفضل وأعظم أيامهم ليبثوا سمومهم، أين أخلاق الإسلام وأين مخافة الله؟ وكذا أين هم من قدوتنا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق؟

وإذا كانت إيران لا ترعوي عن ذلك لا بالدين ولا بالأخلاق ولا بحق الجيرة فلا عجب! فقد جبلت على ذلك، أما العجب العجاب فهو ممن يسير في ركبها من أدعياء الإسلام والأخوّة وهم أبالسة، هوايتهم الطعن من الخلف وحياكة المؤامرات، زِد على ذلك أن المملكة بقيادة خادم الحرمين ومتابعة ولي عهده الأمين في كل العصور لم تمد يدا إلا بالخير والحب والتضامن، فيا أهلنا الكرام كونوا حصنا أمينا في هذا الموسم العظيم، ولا ننساق لأي من أبواقهم المأفونة وألسنتهم المسمومة فهم لا يريدون إلا الشر وإفشال مجهودات هذا البلد المعطاء، عشرات السنين وهم يحاولون إفشال موسم الحج وهم يعلمون أنهم قبل أن يحاربوا مملكة الخير فهم يحاربون الله ورسوله، وطننا منذ الأزل وهو الحارس الأمين على الحرمين الشريفين وهو القائم بكل أريحية بخدمة حجاج بيت الله الحرام بلا منة ولا تباهٍ، مطلوب منا مؤازرة جهود الدولة الكريمة، وأن نكون عونا لكل القائمين على رعاية الحجاج وضيوف الرحمن من قائد هذه المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله وسمو ولي عهده إلى آخر جندي وموظف، هذا واجب لأنها بيعة في أعناقنا فالبيعة ليست فقط قسما يجب أن نؤديه بل ينسحب ذلك القسم وتلك البيعة على الإخلاص في القول والعمل، علينا أن نكون العين الساهرة على كل ما يحفظ لهذا الوطن أمنه واستقراره، وعندما يصل الأمر إلى المس بأمن الوطن تتلاشى كل الألوان ما عدا لون علمنا الأخضر وكلمة لا إله إلا الله، إن وفاء هذا الشعب النبيل لقيادته ووطنه ليس محل مزايدة بل هو إرث تتناقله الأجيال، عاش قادتنا وعاش وطننا العظيم. ولا عزاء لكل حاقد وخائن.