-A +A
أحمد عجب
تقول القصة: سأل أحد الشباب رجلا عجوزا قائلا له:

لقد أغضبت زوجتي وهي غير متقبلة أي تفاهم لأعتذر عما صدر مني، فقال له العجوز: ماذا سيحدث للزهرة إن أسقيناها؟، فقال: ستنمو!، فقال العجوز له: وماذا سيحدث إن أهملناها؟، فقال: ستذبل!، فقال العجوز: وماذا إذا أعطيتها ماء بعد أن ذبلت؟، فقال الشاب لن تنمو من جديد لأنها قد ذبلت بالفعل، فابتسم العجوز للشاب قائلا: لا تجعل زوجتك تصل لهذه المرحلة لأن ما يذبل ويجف يستحيل إحياؤه من جديد، وإذا جفت المشاعر في القلوب فأي اهتمام يأتي متأخرا بعد ذلك لا يمكنه أن يُحييها أبدا.


قبل أيام تحول جهاز جوالي إلى ما يشبه السنترال من كثر الاتصالات التي وردتني، جميعها كانت لسيدات فاضلات يسألنني بلهفة عن صحة الخبر المنشور بجريدة عكاظ من بين القرارات والمقترحات التي صدرت مؤخرا لصالح المرأة بما يحد من تعرضها للاستغلال، والقرار الذي يعنينه تحديدا هو منح الزوجة حق حضانة أطفالها دون اللجوء للمحكمة!

إحداهن قالت: إن صح هذا الخبر فإنه سيحل مشاكل كثيرة بعد أن كرهت العيش معه ولم يكن يربطني به سوى عيالي. فيما قالت الأخرى: في كل مرة كنت أفكر فيها بالطلاق كان يأخذ مني ابنتي التي لا أستطيع فراقها ساعة ويتركها عنده لأيام حتى يضغط علي وأعدل عن قراري. فيما أبدت أكثر من واحدة عزمها على طلب الطلاق فورا وقد ضمن حضانة صغارهن دون محاكمة!! ومع أنني كنت أحاول إفهامهن بأن الطلاق عمره ما كان حلاً، بل هو بداية لسلسلة من المشاكل التي لا حصر لها، خاصة مع وجود الأبناء بين الزوجين، إلا أن كل واحدة منهن كانت أشبه ما تكون بتلك الزهرة التي ذبلت ولم تعد تنفع معها السقاية بالماء لتعيد الحياة إليها!؟

الشيء الوحيد الذي جعلهن يعدن للتفكير في قرارهن هو ما أوضحته في نهاية كل مكالمة، وهو أن القرار يمنحك حق إثبات حضانتك للطفل دون محاكمة بشرط أن لا يكون هناك نزاع بين الزوجين على الحضانة وإلا فإن اللجوء للمحكمة يعد ضرورة ملحة لفض ذلك الخلاف، هنا أعادت كلٌّ منهن وبشيء من الحسرة شريط معاناتها مع زوجها الأناني والمتسلط، ليس فقط في الحضانة، بل وفي النفقة، والزيارة، والمعاشرة، لدرجة أنني كنت أقول في نفسي مع كل معاناة، كيف لم تمت وتتحلل هذه الزوجة من القهر وتعود إلى التراب كما كانت، في زمن ما زالت تمنح فيه القوامة حتى لأشباه الرجال؟!