-A +A
بشرى فيصل السباعي
من أبرز أوجه الانحطاط المعرفي للمسلمين؛ إهمال الجانب الميتافيزيقي للإسلام في عصر بات علم النفس والفيزياء الكمية يمكنهما شرح أسراره، وأهمها في ظل تسونامي العنف والهمجية الحالي هو ما يسميه علم النفس «اللاوعي الجماعي»، والفيزياء الكمية «التعالق الكمومي-QE» وشرحه يكمن بالأحاديث النبوية التالية، ففي الصحيحين (لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل)، (من سن سنة حسنة فعمل بها بعده كان له أجره ومثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه وزره ومثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا)، (لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة يخرج عمله للناس كائنا ما كان)، فسبب أن كل نمط يبدأه الإنسان وإن أتاه بالسر ومع هذا سيتحمل وزر كل من يعمل بمثله للأبد، هو أن كل نية وقول وفعل مهما كان خفيا وشخصيا له أثر في «اللاوعي الجماعي» والذي هو عبارة عن حقل معلوماتي مشترك بين البشر، ومهما كانوا معزولين فهم يبقون مؤثرين على بعضهم عبره، وهذا هو الإنترنت الرباني الذي لا يمكن حجبه ولا فصله، ومن أدلته ما يعرف «بنظرية تأثير المائة قرد - The hundredth monkey effect» حيث لاحظ العلماء أن أي نمط سلوكي مستجد إذا بلغ عدد من يتبعه كتلة حرجة معينة فهو تلقائيا يظهر في بقية البشر حتى بدون تواصل مادي، وأول مرة رصد فيها كانت بتجربة على مجموعة قردة بجزيرة معزولة، وأعظم تجربة لهذا الأثر هي المشروع المتولد عن أبحاث لجامعة برينستون العريقة المسمى «مشروع الوعي العالمي» The Global Consciousness Project، فقد توصل العلماء بمختبرات جامعة برينستون (PEAR) لأن النية الفردية والجماعية تؤثر بالمادة وبحقل اللاوعي الجماعي ويمكن رصدها عبر أجهزة صممت لهذه الغاية «REGs» وهناك شبكة منها حول العالم وأشهر القراءات التي سجلتها كانت قبيل ساعات من أحداث 11 سبتمبر، فعرف العلماء أن حدثا خطيرا سيقع، ورصدوا أكثر من 300 حدث آخر أثبتت أن نية حتى الأفراد يمكنها التأثير على اللاوعي الجماعي وبرمجة سلوك الناس، وغالب الناس لضعف تكريسهم الفكري والمعرفي المستقل الواعي هم مسيرون بالكامل باللاوعي الجماعي والثقافة السائدة، ولهذا يبدأ كل إصلاح عام بإصلاح الثقافة السائدة وما يصوغها ويغذيها من مناهج تعليمية وخطاب عام ومواد فنية وإعلامية ومعرفية وقوانين وأنظمة وشخصيات عامة.