-A +A
أسامة يماني
خطر الفكر الإخواني أكبر من الخيال، وهذا القول ليس من قبيل التهويل والمبالغة بل من الواقع الملموس والتاريخ المعلوم وليس المنقول، ومن أدبيات ومفردات هذه الجماعة الشيطانية التي خرجت من رحمها كل الأفكار والحركات التكفيرية، وكانت مدرسة وملهماً حتى للثورة الخمينية، وكل ذلك موثق ومعلوم وقد عاصره كثيرون، ومع ذلك فقد خفي واستتر وتوارى وأغمض عن كثير من أصحاب الألباب لما لهذه الجماعة من قدرة عجيبة على التلون والتماهي مع المجتمع بشكل أنها تتقمص وتتوحد مع المجتمع وتدخل في اللاشعور وتصبح جزءا لا يتجزأ من المكون الاجتماعي تصل إلى حد تغييب العقل وتصل في التوصيف الأخلاقي إلى النفاق والكذب مجتمعين. ولتوضيح الفكرة يمكن تشبيه الفكر الإخواني بأنه عبارة عن مرض سرطاني خبيث يصيب المكون الاجتماعي ويغيب فكره ويفسد نسيجه الاجتماعي إلى درجة أنه يسوغ ويسهل للابن قتل أبيه أو الانقلاب عليه لما لهذا التنظيم من سطوة على فكر وعقل مريديه وحاضنته الاجتماعية.

لقد كان من أعظم سياسيي العصر الحديث الرئيس أنور السادات، ومع ذلك لم يقدر خطورة الإخوان فأخرجهم من السجون وأعادهم إلى وظائفهم؛ فكان جزاؤه أن قتل بيدهم، وأصبح قاتله بطلاً لدى الخمينية، وأخوه أصبح أحد أهم رجالات الإخوان في عهد محمد مرسي، وهو من الذين هربوا إلى قطر. وخطورة الفكر الإخواني تكمن في أنه فكر سياسي يستخدم الدين والمظلومية وينادي بإحياء الخلافة الإسلامية، إذ استطاع هذا الفكر إعادة تعريف المفردات والمفاهيم وربطها بالدِّين السياسي بغرض الوصول لسدة الحكم وليس بهدف إقامة الشعائر الدينية. ولا يمكن في هذا المقال شرح هذه المفاهيم والأدبيات الإخوانجية المغلوطة التي يجب إعادة تعريفها، فقد أصبح كثير من المفردات التي يستخدمها هذا التنظيم من المسلمات التي لا تقبل الجدال، في حين أنها مجرد تعاريف سياسية نجح الإخوانجية في تمريرها على مجتمعاتنا. كما استخدم الإخوانجية العناوين المفتوحة بهدف التضليل؛ فمثلا عنوان الإسلام هو الحل فيه مغالطة؛ لأن الإسلام الشيعي غير السلفي وغير السني المالكي أو الشافعي أو الحنبلي أو الحنفي وغير الإسلام الأباضي وهكذا، فربط الإسلام بالأشخاص والحركات السياسية يهدف إلى تغييب فكر المجتمع وهذا ما يعمل عليه الإخوانجية، وبهذه المقولة استطاعوا تجييش الشعب المصري ضد الملك فاروق وتم تدمير الاقتصاد المصري والنهضة المصرية الحديثة بمباركة إخوانية ساهمت وعملت على القضاء على الأحزاب السياسية المدنية.


الإخوانجية عندما دخلوا إلى قطر تغلغلوا في كل مفاصلها المهمة؛ إذ نجحوا في اختطاف المساجد والمنابر وامتدوا إلى الإعلام، وتعاونوا ووضعوا أيديهم في يد كل المرتزقة لكي يطوعوا هذا المرفق للترويج لفكرهم ومفاهيمهم، وعرفوا العالم بالقاعدة وأصبحت قياداتها نجوما عالميين وقدوة للشباب الناشئ، وهللت قناة الجزيرة للزرقاوي وداعش وجعلتها إمارة إسلامية وسلطت الأضواء على حزب الله وعلى حماس وقيادات حماس ولفقت التهم لخصومها، واختطفوا الأعمال الخيرية والجمعيات الخيرية للترويج لفكرهم والتغلغل في المجتمعات ومناصرة الإرهاب وتمويله بهدف نشر الفوضى في المجتمعات الإسلامية، كما استخدموا الإشاعات والكذب وترويجها بهدف ضرب خصومهم، وبرعوا في تصيد الأخطاء مهما صغر شأنها وتكبيرها وتضخيمها لإلهاء المجتمعات الإسلامية في سفاسف الأمور وصغائر الأحداث، كما عملوا على الارتباط بدولة إسرائيل لتحييدها والتصالح معها حتى لا يزايد أي خصم عليها كما ارتبطت بالقوى العظمى عن طريق تأمين القواعد العسكرية لها لتحصل على غطاء سياسي وأمني. واستطاع الإخوانجية التغلغل والتسلل والدخول في كل مفاصل الدولة الأمنية والتعليمية والصحية والاجتماعية والإعلامية وغير ذلك حتى أصبح أمير قطر مدارا ومحكوماً من قبل هذه الجماعة مؤمنا بأدبياتها ومفاهيمها الذي تشبع بها. كما قام الإخوانجية بشراء الضمائر والدعاة والأدباء والكتاب والأنصار لضرب المجتمعات الأخرى وانتظار الفرصة السانحة للانقضاض عليها مهما كان الثمن غالياً. وانظر كيف استخدم الإخوانجية دعاة ومشايخ الصحوة لإخراج القاعدة العسكرية من الدمام تحت مقولة «أخرجوا الكفار من جزيرة العرب» لتنقل إلى قطر وكأنها ليست جزءاً من الجزيرة العربية. فأي شيء حلال إذا كان لهم وحرام لغيرهم. ومن خطورة هذه الجماعة الشيطانية تزويرها للتاريخ وتلفيقها للأحداث واستغلال القضية الفلسطينية وإرباك المشهد السياسي بخلط الأوراق والتحالفات والجمع بين النقائض، فأيديهم بأيدي الحكومة الإسرائيلية وأبواقهم تدعو للجهاد ضدها وبنادقهم موجهة ضد إخوانهم في مصر وغيرها من أعمال شيطانية.

لقد تم ابتلاع حكومة قطر وأصبح الإخوانجية يسيطرون على كل المشهد ويحركون الدمى ويلعبون بها وبمقدرات شعبها. فقد تم برمجة حكامها فانقلب الابن على أبيه وسارع إلى إسرائيل للتحالف والحصول على الحماية كما حمى الإنجليز حسن البنّا ودعموه بالمال. نعم قطر تم ابتلاعها من قبل الإخوان. وخير لكل دول المنطقة بل والعالم مقاطعتها ومنعها من تمويل الإرهاب وكشفها وتعرية الفكر الإخونجي وتصحيح المفاهيم والمفردات التي تم غرسها خلال 70 عاماً أو أكثر.