-A +A
حسين شبكشي
اختارت السعودية طريق مستقبلها بتنصيب الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، ومع هذا الاختيار تكون خارطة الطريق واضحة الملامح. الاختيار يجيء معه عنصر الاستقرار السياسي المهم، والاتجاه الاقتصادي الذي تبناه الرجل والمعروف برؤية 2030، وكذلك التوجه الاجتماعي الذي يدعو إليه.

ليس خافيا ولا هو سر لكل متابع للشأن السعودي بصمات محمد بن سلمان في سياسات الدولة الداخلية والخارجية، ووصوله إلى هذا المنصب كان تطورا طبيعيا لصعوده وازدياد فعالية سياساته وأدواره التي يقوم بلعبها على كافة الأصعدة.


كان التحدي الكبير الذي يواجه الدولة السعودية في السنوات الأخيرة هو أن يشيخ نظام الحكم وليس أن يشيخ الحاكم، والملك سلمان منذ وصوله لسدة الحكم قام «بحقن» الدولة وأجهزتها بمجموعة من الجرعات المنشطة لتطوير وإصلاح أجهزتها وإعادة هيكلتها لمواجهة التحديات المستقبلية، ومن المعروف أن هذا التوجه كان من صنع وإعداد محمد بن سلمان الذي كان يعد العدة منذ فترة ليست بالقليلة من خلال «معمل» خاص مليء بالكفاءات والمستشارين يعدون له كافة سيناريوهات الاحتمالات المتوقعة. صفات القيادة والعمل الدؤوب وإيمانه بالفكرة والإنصات الجيد للآراء هي مجموعة المزايا التي تمتع بها الرجل، وكل من قابله أدرك ذلك بالتجربة، ويظهر ذلك جليا حينما يبدأ في شرح فكرة فيقوم بسرد تفاصيلها بشكل دقيق ومفصل بدون الاستعانة بأوراق ولا شاشات ولا مساعدين. يؤمن تماما أن السعودية تستحق مكانة أفضل بين الأمم وأن شبابها يستحقون مستقبلا أفضل في بلادهم وهم بالفعل رأسمال البلاد الحقيقي المطلوب الاستثمار فيه. هذه اللغة والسياسة جديدة على السعودية التي عرف عنها الإيقاع البطيء والمحافظ بشكل مبالغ فيه، تغير الإيقاع وتغيرت الوجهة لأنه تم إدراك أننا أمام حالة وعي جديدة، نفيق من حالة إنكار طويلة أصابت البلاد بغياب عن طريق المستقبل. السعودية لها مكانة بين الأمم شعار سيأتي معه كما هو متوقع سلسلة من السياسات والقرارات التي تجعل ذلك ممكنا على كافة الأصعدة. سقف الطموحات تم رفعه وحجم الآمال عالٍ جدا وهو بحجم طموحات رأسمال البلاد من جيل الشباب. كل الأمل أن يكون أدوات هذه الطموحات أهل الكفاءة، وأن يكون اختيار العناصر التنفيذية بشكل مهني بعيدا عن المجاملات، لأن ذلك من شأنه أن يرسخ قواعد الأمل ويبني أسس العمل بشكل جاد ومتفانٍ.

هناك حالة نفسية إيجابية حالية في السعودية مطلوب استغلالها بذكاء والإقدام على المزيد من القرارات الإصلاحية في الهيكل الإداري للدولة الذي سيزيد من فعالية أجهزتها وتحسين آثارها وإزالة الترهل من جسدها. القدرة على التغيير تكون بإرادة شباب، واليوم السعودية اختارت طريق مستقبلها. أعان الله الأمير محمد بن سلمان على المسؤولية الكبيرة، ولكن الذي يبعث على التفاؤل هو إحساس الكثيرين من السعوديين أنه جدير بتحمل الأمانة وحسن الظن فيه كبير. السعوديون يدعون لبلادهم وابتسامة أمل تعلو وجوههم بتغيير فيه، تفاؤل بمستقبل مختلف مليء بالمتغيرات المثيرة والتحديات الجميلة التي سيكون من نتائجها مستقبل أكثر إشراقا للبلاد إن شاء الله تعالى.