-A +A
عبدالرحمن اللاحم
@allahim

قد تكون عبارة (تجويع الوحش) التي أطلقها الرئيس الأمريكي ترمب ويقصد بها تجفيف منابع تمويل الإرهاب، أدق عبارة تصف الإستراتيجية الجديدة لمكافحة الإرهاب التي تبلورت بعد قمم الرياض، لأنه لا يتصور النجاح في معركة محاربة الإرهاب عسكريا دون الوقوف بصرامة ضد تمويل ذلك الوحش، وستكون المعركة نوعا من العبث لا نهاية لها إذا ما أدركنا أن معظم المشاركين في المجموعات الإرهابية القتالية هم جيش من المرتزقة تم تجنيدهم من خلال الأموال التي تتدفق عليهم من ممولي تلك الجماعات، وهذا يفسر الموقف الحاسم من قبل الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية ضد النظام القطري، وهو الأمر الذي لا تريد الدوحة أن تدركه أو تفهمه، إذ لا زالت تتجاهل كل الدعوات الدولية للتوقف عن دعم وتمويل المنظمات والشخصيات الإرهابية التي تعبث بأمن واستقرار الدول في العالم، ولا يمكن تفسير الموقف القطري المعاند للإرادة الدولية إلا من خلال فهم الهدف الأساسي لدعم وتمويل الجماعات الإرهابية من قبل دولة قطر، وهو استخدام الجماعات الإرهابية لتحقيق مكاسب سياسية تتمثل في تواجدها كلاعب أساسي في العالم وتأثيرها على صناعة القرار في الدول التي تشهد اضطرابات أمنية جراء العمليات الإرهابية، وتخليها عن ذلك الدور سيؤدي إلى إبعادها وتهميشها بالكامل لأنه سيسحب منها المخالب التي تنهش بها الأنظمة السياسية وسيعيدها إلى حجمها الطبيعي، وهو ما لا تريده الدوحة، لذا نراها تقاتل وبقوة ضد قرار المقاطعة لأنها تعلم جيدا أن الرضوخ للمطالب العربية هو بمثابة نهاية الحلم الذي أسست عليه عقيدتها السياسية منذ الانقلاب عام 95 وسينقلها من الملعب إلى المدرج.


تجفيف منابع تمويل الإرهاب يفوق من حيث الأهمية مواجهته أمنيا وعسكريا لأنه من غير المعقول تظل تحاربه وصنابير التمويل مفتوحة، لذا فإن أولى الخطوات في محاربة الإرهاب هي (تجويع الوحش)، لأن المرتزقة متى ما أحسوا بالجوع وانقطاع المدد المالي والمادي والمعنوي سيلقون أسلحتهم ويتركون أرض المعركة، ومن هنا تأتي أهمية خطوة مقاطعة قطر والضغط عليها لتغيير سياساتها العدائية نحو جيرانها، وأتمنى أن تدرك الدوحة ذلك قبل فوات الأوان.