-A +A
عيسى الحليان
تشير التقارير إلى أن عدد المعتمرين من خارج المملكة قد يصل إلى 7 ملايين معتمر لهذا العام، وهو عدد أقل من المطلوب (خصوصا في ضوء التوسعات الجديدة)، فلو افترضنا أن فترة العمرة (من الخارج) 8 شهور، فإن متوسط الشهر يصبح هنا 800 - 900 ألف معتمر شهريا، ولأن منسك العمرة لا يحتاج لأكثر من يوم، إن لم يكن ساعات قليلة، فإن متوسط عدد المعتمرين لا يزيد هنا على 30000 معتمر في اليوم الواحد، وهو ما يوازي طاقة صحن الطواف (الجديد) لربع ساعة فقط، إضافة إلى طاقة الوحدات السكنية المتاحة والتي تفوق هذا العدد بكثير، وهذا ما يشير إلى أن ثمة طاقة فائضة في الحرم والسكن والخدمات العامة يفترض استيعابها، خصوصا في ظل الطلب المتزايد في سفارات المملكة لأداء العمرة والذي يفوق هذا العدد بكثير.

رؤية 2030 تشير إلى أن هذا العدد سوف يرتفع عام 1442هـ إلى 15 مليون معتمر، ورغم كون هذا الرقم يشكل أكثر من ضعف الرقم الحالي، إلاّ أنه يظل رقما منطقيا - رغم تحديات تحقيقه إجرائيا - حتى وإن كانت الخدمات اللوجستية سوف تتضاعف في ذلك التاريخ.


دعونا نلتفت إذن إلى اقتصاديات هذه الشعيرة، فالحكومة مثلا لا تحصل على رسوم تذكر مقابل هذه التأشيرات، رغم أنها تمتلك «وكالة حصرية» على بوابة هذه المقدسات وتصرف مبالغ هائلة على خدماتها وإدارة شؤونها، خلاف أن الوكلاء وأصحاب المكاتب في الخارج يستفيدون أكثر حيث يحصلون على 300-400 ريال من كل معتمر مقابل الحصول على التأشيرة، الأمر الثاني أن بعض الدول استفادت من مناسك العمرة على حسابنا، ففرضت الرسوم على المعتمرين من رعاياها حيث يتم تحصيلها من وكلاء السفر الذين يضيفونها على فاتورة المعتمر، بينما البلد المستضيف الذي يقدم هذه الخدمات الهائلة يتعفف عن تحصيل مثل هذه الرسوم الكبيرة، في حين أن بلدانا مجاورة لا تحوي أماكن مقدسة، ولا خدمات حصرية، تفرض على الزائر (كائنا من كان) 10% ضريبة للمدينة و10% ضريبة للبلدية ومبلغا مقطوعا (20 - 12 ريالا) كضريبة لقطاع السياحة وكل هذه الضرائب تضاف بشكل مباشر على فاتورة الفندق وإن كنا نعترف بأنها تقدم خدمات رفيعة تستفيد في نهاية المطاف من عائداتها.

كلنا ينادي بزيادة عدد المعتمرين، وهو مطلب ديني، واقتصادي في نفس الوقت، لكن هل ثمة دراسات توضح مصروفات الدولة وإيراداتها جراء موسم العمرة؟ وكم مردود هذا القطاع، وما هي الدول التي تتصدر رعاياها نسبة المعتمرين، وكم نسبة إنفاقهم اليومية ومتوسط فترة بقائهم في مكة والمدينة... الخ، وهذا كله ما يحتم - في ضوء هذه الرؤية (2030)- عدم الارتهان إلى نماذج وقوالب الماضي، وإنتاج سياسات وإجراءات اقتصادية جديدة، لا تكمن بفكرة زيادة العدد فقط، وإنما بتكامل الأداء، وتناغم الخدمات، ورفع المستوى اللوجستي عموما، وبالتالي زيادة حصة البلاد من هذه الموارد لاحقا.

Alholyan@hotmail.com