-A +A
مها الشهري
قد يقع أي مجتمع لمحاولات الاستغلال والأيدي العابثة عن طريق اللعب على الثغرات والمشكلات في ذلك المجتمع، خصوصا إن كانت معلنة على أي صعيد من الأصعدة، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية، وعلى سبيل المثال فإننا كنا نظن أن من أنشأ «الحسابات السوداء» هم بعض من أولئك المحافظين أو المتشددين في الرأي ضد الآخر من أبناء المجتمع، كنا نتصور أنها من إحدى النتائج التي أفرزتها صراعات الأصالة والحداثة واستفاضت بها مواقع التواصل الاجتماعي كحاضنة لها ظرفها وبعدها البسيط في حدوث الصراع وتغذيته، ثم وجدنا أن نشوء هذه الحسابات كان على سبيل استغلال الثغرات التي عانى منها مجتمعنا وما زال ضمن جملة من الظروف التي ساعدت على ذلك.

من المحزن أن نشاهد انقسام الرأي حول ما يثيره الواقع في الآونة الأخيرة، والنتيجة مزيد من الاستغراق في المشكلات التي لا طائل منها، والانحياز إلى مبادئ لا قيمة فيها سوى ظن البعض أنها تصنع من عنادهم وتبعيتهم قيمة، وقعوا في مأزق الهوية ثم لا يدركون أين هي مصلحتهم ومن الأولى بانتمائهم وولائهم.


كل المجتمعات تعاني من مشكلاتها ولا يوجد مجتمع مثالي، ولكن إذا أردنا الحديث عن وحدتنا وطموحنا نحو تلك الوحدة فلن يكون الأمر بمعزل عن ذكر المشكلات المتمثلة في النزعات الإثنية والصراعات الفكرية والثقافية، بل إن بعض الأحداث أصبحت تبرز الوجه الأكثر سوءا في الحين الذي تعاكست فيه المصالح وفيه انتهى عصر المجاملات، وفي هذه الحالة لسنا بحاجة إلى مقاومة المسيء أو الرد عليه أو الانشغال به، فحماية الأوطان تأتي من بناء إنسانها وتكريس قوة المجتمع بقدرته على إدارة نفسه، وبالعودة إلى الأسباب والمعطيات التي لا تجعل لديه شيئا أثمن من وطنه.