-A +A
علي بن محمد الرباعي
يحدوني كبير الأمل أن يكون شهر رمضان فاتحة خير على الجميع، وأن يسمو هذا الشهر بأخلاقنا، ويهذب وجداننا، ويزكي أفعالنا، ويرتقي بسلوكنا، ويصحح مسارنا نحو تعزيز انتمائنا لدين الإسلام القويم، ولهذا الوطن الباذل كل مقوماته لخير وصلاح أحوال الإسلام والمسلمين.

ما يؤلف من البعض في هذه الأيام التباهي بختم القرآن، فالبعض يعلن أنه يختم في كل ليلة، أي ثلاثين ختمة طيلة الشهر، والبعض يختم 15 ختمة، والبعض 10 ختمات، ونحن نغبط أهل القرآن كونهم أهل الله وخاصته.


ومن باب التناصح أسأل هؤلاء الخُتام عن أثر القرآن عليهم روحيا خلال شهر رمضان فقط، ولن أوردهم مورد شطط وأقول كيف أثره عليكم طيلة العام؟ ولا طيلة العمر؟، والسبب في طرح مثل هذا السؤال يرجع إلى المفارقات الكبيرة القائمة بين ما تتضمنه وما تدعو إليه آيات الوحي، وبين سلوك قارئ القرآن.

لا أود أن أُسلّم بأن ثقافة الاستهلاك طاولت علاقتنا بالله، فخرجت بها من إطار سري هو أدعى للإخلاص والقبول إلى باحة المباهاة والتظاهر والمفاخرة، فغدونا نستعرض كم صلينا من ركعات، وكم بذلنا من صدقات، حتى كأن البعض يمن على الله (يمنون عليك أن أسلموا، قل لا تمنوا عليّ إسلامكم، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين).

بعض هؤلاء الختمة لآيات الوحي لا يتدبرون، ومنهم من يُغفل أن القرآن خطاب من الله لنا ليهدينا به سبل السلام، ويخرجنا ببركته من الظلمات إلى النور، ويعلي نوره من شأن سلوكنا السوي حتى كأن التالي لهذا الكتاب قرآن يمشي على قدمين.

حتى لا نجنح للمثالية دعونا نتساءل: كيف سيؤمن هؤلاء القراء احتياجات رمضان لمنازلهم؟ وكم سيشترون من أغراض؟ هل سيقتصرون على الضروري فقط حتى لا يدخلوا دائرة الشيطنة (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين)؟ ما طريقة تعاملهم مع ما فاض من النعم وموائد رمضان؟ بأي أسلوب سيتعاملون مع السائقين، والعاملات المنزليات؟ ناهيك عن ذوي القربى والأهل والجيران؟ أسئلة مفتوحة، وكل عام وأنتم بخير.