-A +A
أحمد عجب
من بين الإعلانات التي تبث بكثافة هذه الأيام تحت عنوان (انتظرونا في رمضان) لفت انتباهي إعلانان يبشران بعرض مسلسلي (رمانة) من بطولة سيدة الشاشة الخليجية، و(كان في كل زمان) من بطولة سندريلا الخليج العربي، ومع أن اللقبين رنانان، إلا أنني شعرت مع إطلالة النجمتين بزغللة وعمى ألوان، وبدأت أرى الشاشة الصغيرة أمامي بالأبيض والأسود، وكأن الزمان يعود بي لبداية ظهورهما في منتصف الستينات، ومع أن الأسئلة تزاحمت برأسي حينها إلا أنني لم أجد أجابة شافية لاحتفاظهما كل هذه العقود وعلى حساب الأجيال المتلاحقة بدور البطولة المطلقة!؟

من ناحية الموهبة، لم ألحظ ما يميزهما على الإطلاق، ولم يسبق لي أن سمعت من جيل المتقاعدين أي عبارات غزل تجاههما، وإذا كانت الأعمال المصرية أو اللبنانية تستعيض أحياناً عن ضعف السيناريو والبناء الدرامي بإطلالة وجمال تلك الفتاة الممشوقة التي تتمحور حولها القصة، فإن الأعمال الخليجية تصبح مفروضة عليك هكذا دون أي مقبلات تذكر، لقد درس الواحد منا وعمل وتزوج وأصبح لديه أبناء، وتلك الممثلة ورفيقة دربها لا تزالان تظهران بنفس الملامح والهيئة التي عرفناهما بهما في «خالتي قماشة» و«سبيكة ورقية» وكأننا محكومون معهما بالمؤبد والأشغال الشاقة!


لقد اختفى من الشاشة العربية، الكثير من الممثلات الحسناوات اللاتي كن يقمن بدور البطولة وهن في عز شبابهن، وهو أمر طبيعي يحدث مع تقدم المرأة في العمر، حين يدفعها الشعور بفقد جمالها ونضارتها إلى الركون لوحدتها والابتعاد عن أعين الناس، إما بداعي الاعتزال أو عدم وجود نص أو بذريعة ارتداء الحجاب، بل إن البعض منهن فضل وضع حد لحياتها هرباً من نظرات الشفقة والامتعاض، بينما هاتان الفنانتان العتيقتان لا تأبهان بكل ذلك بل إنهما طيحتا (الميانة) مؤخراً وأصبحتا تظهران لنا في الإعلان والتتر وأغلب حلقات المسلسل بنفس دشداشة النوم!؟

وحتى لا أكون مجحفاً في الحكم، فإنه يتعين علي في المقابل إبراز إيجابياتهما، ويكفي القول إن ظهورهما في هذا الشهر المبارك قد لا يترتب عليه أي مفاسد، على اعتبار أنهما أصبحتا من قواعد النساء اللاتي يمكن النظر إليهن، بل إنني أرى وجودهما حاجة ملحة لمدمني مشاهدة نشرات الأخبار حتى إذا ما ظهرت تلك المذيعة الفاتنة خلال ساعات النهار أمكن للمشاهد إمساك الريموت بسرعة وقلب القناة على مسلسل إحداهما تجنباً لجرح صيامه!!

مشكلة المسلسلات الدرامية الخليجية، أنها مثل الأغاني الهابطة التي تؤلف اللحن أولاً ثم تركب عليها الكلمات التافهة، ولأن مقامات وجمل العناصر النسائية حالياً متوفرة بكثرة فإن القصة تتمحور حولهن، لهذا يظهر الشبه الكبير بين أحداثها، والتي لا تخرج عن عجوز فقدت عائلها ولديها درزن من البنات تسعى لتربيتهن ومواجهة مشكلاتهن وسط قالب درامي حزين، ولأنه لا يوجد هناك أي بوادر لظهور فن حقيقي، فإنه ليس أمامنا سوى معايشة الواقع، ولهذا أقترح تخصيص مهرجان يقام كل ربع قرن لجائزة (مومياء الشاشة الخليجية) مع ضمان بقاء نفس الأسماء المرشحة حالياً للدورتين المقبلتين!؟