-A +A
عبدالعزيز الوذناني
في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن برنامج ما يسمى «بالجرين كارد» أو منح الإقامة الدائمة للأجانب وفق شروط معينة مقابل رسوم سنوية تبلغ 14200 ريال حسب المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي في ظل عدم وجود تأكيد رسمي، لكن يُعتقد بأن الأمر تحت الدراسة أو في مراحله الأخيرة.

قبل يومين نُشر في وسائل الإعلام المحلية تصريح لأحد أعضاء مجلس الشورى ذكر فيه أن هناك 9 شروط لمنح الإقامة الدائمة، وهنا أذكر الشروط الثلاثة الأولى على سبيل المثال؛ فأحدها عن مستوى تعليمي نادر، والآخر عن مؤهلات دقيقة، والثالث عن مؤهلات مطلوبة، من قراءتي للتصريح المشار إليه فإن توفر أحد هذه الشروط التسعة يكفي للحصول على الإقامة الدائمة.


يبدو للقارئ بأن هذا التصريح كُتب على عُجالة إذ يظهر التفاوت الكبير بين شروطه التي تراجعت من «مستوى تعليمي نادر» إلى «مؤهلات مطلوبة» في فقراته الثلاث الأولى، وكذلك لم يوضح التصريح أو المعلومات شبه الرسمية المتداولة في إعلامنا المحلي وخصوصا وسائل التواصل الاجتماعي ماهية الأهداف الوطنية والإستراتيجية المراد تحقيقها من برنامج الجرين كارد.

السياسات العامة لأي دولة وخصوصا في الدول المتقدمة تهدف إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية لتلك الدولة وعادة تحظى هذه السياسات والأهداف بالإجماع الوطني حولها، وتتسم بأنها طويلة الأمد ومدروسة بعناية، وفي ظل غياب المعلومات الكافية عن ماهية برنامج الجرين كارد وما الأهداف الإستراتيجية المراد تحقيقها من خلاله، ليس أمامنا سوى طرح بعض الافتراضات ومحاولة الإجابة عنها لعلها تسهم في إثراء الحوار الوطني حول هذا الموضوع المهم.

هل الـ«جرين كارد» يخدم أهدافنا الوطنية؟

السؤال المهم الذي يجب أن نجيب عليه كمجتمع وصناع قرار قبل الحكم على جدوى البرنامج المُقترح ومدى الحاجة الوطنية له هو: ماذا نريد كدولة من «جرين كارد»؟ أو بمعنى آخر ماذا نريد تحقيقه من خلاله؟ هل البرنامج ضرورة لتحقيق رؤية السعودية 2030؟ إذا كان كذلك فكيف؟ ولكي نصل إلى إجابة وافية عن هذه الأسئلة دعونا نحاول ربط برنامج «جرين كارد» بحاجات الاقتصاد الوطني، وبيئتنا المحلية من خلال الإجابة عن الأسئلة الجزئية التالية:

• هل لدينا نقص في الأيدي العاملة الوطنية لكي يتم جسرها من خلال «جرين كارد»؟.. هل يتطلب اقتصادنا المحلي كفاءات ومهارات لا تستطيع الجامعات السعودية توفيرها؟.. هل يمكن أن يساعد «جرين كارد» في جلب الاستثمارات النوعية والتقنية؟.. هل يمكن أن يساهم الجرين كارد في القضاء على التستر التجاري؟.. هل لدينا نقص في الأيدي العاملة الوطنية لكي يتم جسرها من خلال «جرين كارد»؟

منح الإقامة الدائمة للأجانب أو حتى الجنسية من قبل بعض الدول ليس بجديد ولا غريب، فهو معمول به وخصوصا في بعض الدول المتقدمة التي تعاني من نقص في اليد العاملة نتيجة لانخفاض معدلات المواليد وارتفاع نسبة الشيخوخة في تلك الدول، إذ تحتاج لأيدٍ عاملة لسببين هما: سد النقص في اليد العاملة الوطنية والمساهمة في تمويل ميزانية تلك الدول من خلال دفع الضرائب التي تساعد هذه الدول في تحمل تكاليف العناية الطيبة العالية الخاصة بشريحة كبار السن في تلك المجتمعات.

نتيجة للتقدم الصحي وارتفاع متوسط الأعمار في دول مثل ألمانيا وكندا واليابان وبعض الدول الأوروبية وصلت نسبة كبار السن في تلك المجتمعات معدلات مرتفعة، على سبيل المثال، في اليابان بلغت نسبة السكان الذين تجاوزوا 65 عاما من العمر أكثر من 26% من إجمالي السكان، وفي ألمانيا بلغت هذه النسبة 21%، وكذلك بلغ متوسط عمر اليابانيين والألمان 47 عاما و46 عاما على التوالي؛ لهذا أصبح استقطاب اليد العاملة الأجنبية ضرورة اقتصادية لسببين رئيسين وهما: سد النقص في اليد العاملة الوطنية، ودفع الضرائب الضرورية لمساعدة تلك الدول في تحمل تكاليف العناية الطيبة العالية الخاصة بشريحة كبار السن في تلك المجتمعات، لهذا قامت هذه الدول بسن التشريعات ووضعت الخطط لاستقطاب العدد الذي تحتاج إليه من اليد العاملة الأجنبية بما يتناسب مع الأهداف الوطنية والإستراتيجية لكل دولة.

السؤال الذي يطرح نفسه كما يُقال هو: هل لدينا نقص في اليد العاملة الوطنية ليتم جسره بالعمالة الأجنبية من خلال برنامج «جرين كارد»؟ وللإجابة عن هذا السؤال دعنا نستعين ببعص المعلومات الإحصائية الخاصة ببعض الدول التي تستقطب العمالة الأجنبية ولو بنسب متفاوتة لنقف على أوجه التشابه والاختلاف بيننا وبين هذه الدول.

إحصاءات من العالم

هناك بعض المعلومات الإحصائية عن مجموعة مختارة من الدول المتقدمة التي تستقطب العمالة الأجنبية حسب حاجاتها، وبما يتناسب مع أهدافها وإستراتيجياتها الوطنية، إذ يبلغ متوسط عمر المجتمع الألماني 46 عاما (ليس متوسط عمر الفرد)، ونسبة السكان تحت سن 15 عاما لا تتجاوز 13% من إجمالي عدد السكان، بينما تبلغ نسبة الألمان فوق سن 65% من العمر 21% من عدد السكان الإجمالي.

هذه المعلومات البسيطة توضح بأن المجتمع الألماني يعاني من الشيخوخة، وهذا يبرر حاجة الدولة الألمانية لاستقطاب اليد العاملة الأجنبية لتشغيل المصانع الألمانية وتحريك عجلة الاقتصاد، وفوق هذا كله دفع ضرائب لخزينة الدولة لكي تتمكن الدولة من تحمل تكاليف الرعاية الصحية لكبار السن في المجتمع الألماني، الذين يمثلون نحو ربع المجتمع الألماني، وهذا الرقم مرشح للزيادة الملحوظة خلال العقدين القادمين، مـع هذا لا تتجاوز نسبة اليد العاملة الأجنبية في ألمانيا 14% من إجمالي السكان (السكان الألمان + الأجانب بمن فيهم العمالة الأجنبية) رغم أن إجمالي الناتج المحلي الألماني يمثل 4.5% من الاقتصاد العالمي ونسبة البطالة في ألمانيا لا تتجاوز 5.4%، وألمانيا بلد صناعي من الطراز الأول ويحتاج إلى طاقة شابة لتحريك عجلة ماكينته الصناعية.

الشيء نفسه يمكن قوله عن البلدان المتقدمة الأخرى مثل اليابان وبريطانيا وحتى أمريكا، فعلى سبيل المثال يبلغ الناتج الإجمالي الأمريكي نحو 24% من إجمالي الاقتصاد العالمي ومعدل البطالة في السوق الأمريكية يقف عند 4.5% وهو المعدل الأمثل من الناحية الاقتصادية لأي سوق عمل صحية، ومع هذا لا تتجاوز نسبة اليد العاملة الأجنبية إلى إجمالي عدد السكان 13%.

الكثير يعتقد أن سوق العمل الأمريكية وكذلك سوق العمل في الدول المتقدمة الأخرى مفتوحة لكل من أراد الهجرة والعمل في تلك الدول، هذا بكل تأكيد اعتقاد خاطئ، فالعمل في أمريكا يحتاج إلى فيزة تعرف اختصارا بـ«H1B Visa»، وهذا النوع من الفيز لا يصدر إلا مرة واحدة في السنة ومن قبل الكونغرس الأمريكي ومحدد بـ 60 ألف فيزة عمل سنويا و20 ألفا من هذه الفيز مخصصة لأساتذة الجامعات.

هذا بالنسبة لأمريكا والدول المتقدمة الأخرى تتبع سياسات متشابهة وإن اختلفت في بعض تفاصيلها. في كندا، على سبيل المثال، عندما تطلب إحدى الجامعات أو الشركات الكندية استقدام موظف أجنبي يجب على الجهة طالبة العمل إحضار خطاب من وزارة العمل الكندية «يفيد إدارة الهجرة الكندية بأنه لا يوجد كندي مؤهل للقيام بمهمات الوظيفة المراد استقدام الموظف الأجنبي لأدائها».

الحقائق الأربع

بعد استعراض تجربة بعض الدول المتقدمة في هذا المجال، دعنا نستعرض بعض الإحصاءات الخاصة بالمجتمع وسوق العمل السعودية لعلنا نتوصل إلى بعض النتائج أو المؤشرات التي ربما تساعدنا في تحديد مدى حاجة السوق السعودية لاستقطاب اليد العاملة الأجنبية وهل هي ضرورة تمليها علينا حاجة الاقتصاد الوطني أم هي خطأ إستراتيجي؟ ومن يتفحص يتضح له الحقائق الأربع التالية:

أولا- المجتمع السعودي مجتمع شاب جدا إذ لا يتجاوز متوسط عمر سكان السعودية بمن فيهم إخواننا الوافدون (28) عاماً. وعند استبعاد إخواننا الوافدين من حساب المتوسط فإن متوسط عمر السكان السعوديين يصبح نحو (25) عاماً فقط مقارنة مع (40) عاماً و(46) عاما و(47) عاماً لكل من بريطانيا وألمانيا واليابان على التوالي ونسبة السكان تحت سن (15) عاماً في المملكة تصل إلى 30% من إجمالي عدد السكان مقارنة مع نحو 13% لكل من ألمانيا وبريطانيا واليابان. وكذلك نسبة السكان السعوديين الذين تتجاوز أعمارهم (65) عاماً لا تتجاوز 3% من إجمالي السكان مقارنة مع 21%، 16%، 16.5%، و26% لكل من ألمانيا وأمريكا وبريطانيا واليابان، على التوالي.

ثانياً- كنسبة من إجمالي السكان تبلغ اليد العاملة الأجنبية في السعودية نحو 36% مقارنة مع 14%، 13%، 12%، و1.6% لكل من ألمانيا وأمريكا وبريطانيا واليابان، على التوالي. عند احتساب نسبة العمالة الأجنبية إلى إجمالي عدد السكان السعوديين فإن النسبة تصل إلى نحو 55%، مع العلم بأن هذه الإحصاءات تشمل العمالة النظامية فقط، ولكن عندما تضاف إليها العمالة غير النظامية التي تقدر بنحو (3 - 4) ملايين حسب بعض التقديرات المتحفظة فإن النسبة تتجاوز 70% من إجمالي السكان السعوديين.

ثالثاً- حجم الاقتصاد السعودي كنسبة من إجمالي الاقتصاد العالمي لا يتجاوز 0.87% مقارنة مع نحو 24% للولايات المتحدة الأمريكية و6% لليابان، و4.5% لألمانيا، و4% لبريطانيا.

رابعاً- معدل البطالة بين السعوديين يبلغ 12.3% بينما يبلغ معدل البطالة في كل من اليابان، أمريكا، بريطانيا، وألمانيا 2.8%، 4.5%، 4.7%، و5.4%، على التوالي.

مما سبق يتضح أن المجتمع السعودي يزخر باليد العاملة الشابة، إذ إن نحو 60% من المجتمع السعودي تحت سن (30) عاماً، ونحو 70% تحت سن (35) عاماً، لكن هذه الطاقات الشابة المهدرة تُركت للبطالة لتفترس أحلامها وتحرم بلادنا من مساهماتها ومشاركاتها في بناء مستقبلها ومستقبل وطنها. هذا ليس مرده عدم قدرة الاقتصاد السعودي على خلق الوظائف، فرغم تراجع الحركة الاقتصادية مع انخفاض أسعار البترول إلا أن سوقنا المحلية أضافت نحو 900 وظيفة بنهاية الربع الثالث من العام المنصرم 2016 وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، ولكن ذهب أكثر من 95% من هذه الوظائف لليد العاملة الأجنبية.

فوائد محدودة

لا أنكر أن نظام «جرين كارد» ربما يفيد في حالات قليلة جدا تكاد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة مثل الأطباء المميزين أو أساتذة الجامعات المرموقين أو أصحاب المليارات الذين يريدون توطين استثماراتهم وقصر عمالتهم على اليد الوطنية من توظيف وتدريب، ولكن من وجهة نظري، لا أعتقد بأن هذه الحالات المحدودة جدا تتطلب استحداث برنامج على النحو الذي نسمع والذي تقدر إيرادات رسومه بالمليارات.

أتمنى من صناع القرار عدم الاستعجال وأن يعطى هذا البرنامج حقه من الدراسة والنقاش من خلال حوار وطني يتميز بالمصارحة والشفافية والبحث العلمي الدقيق لتحديد الأهداف الإستراتيجية المراد تحقيقها من هذا البرنامج والوقوف عند مميزاته ومثالبه ومقارنتها مع البدائل الأخرى المتاحة لصناع القرار.

الخاتمة

محاولة نقل تجارب الآخرين والاستفادة منها وخصوصا تجارب الدول المتقدمة عمل محمود ويستحق الدعم والتشجيع ولكن ليس كل ما يطبق في الدول الغربية المتقدمة يمكن استنساخه وتطبيقه على اقتصادنا وبيئتنا المحلية دون دراسة مستفيضة لمعرفة مدى ملاءمة تلك التجارب لخدمة أهدافنا الوطنية والإستراتيجية. أنظمة الإقامة الدائمة أو ما يسمى «بالجرين كارد» في الدول المتقدمة مدروسة ومصممة بعناية لخدمة الأهداف الإستراتيجية لتلك الدول.

هل اقتصادنا يحتاج مهارات تعجز الجامعات عن توفيرها؟

رغم الادعاءات التي يسوقها تجار التأشيرات وكذلك بعض رجال الأعمال الذين يعرضون عن الاستثمار في أبنائنا ويرفضون توظيفهم ويتعللون بالحجج والأعذار المعلبة التي يرددونها دائما على مسامعنا التي مفادها أن معظم البطالة الحالية هي بطالة اختيارية، إذ إن السعوديين لا يبحثون إلا عن عمل مكتبي ومكيف، أو أن مخرجات نظامنا التعليمي سيئة في الوقت الذي يتسابقون فيه على اليد العاملة الأجنبية الأقل تعليماً وكفاءة، إذاً فرداءة التعليم وانخفاض الكفاءة التي يدعونها ليست هي السبب الحقيقي.

أنا لا أنكر أن مخرجات بعض الأقسام في جامعاتنا لا تتلاءم مع متطلبات سوق العمل، ولا أنكر أنه يجب إعادة النظر في سياسة تشريع الباب على مصراعيه لبعض الأقسام في جامعاتنا لتخرج لنا سيلا من العاطلين عن العمل في نهاية كل فصل دراسي، ولكن هذه ربما تكون جزءاً يسيراً من المشكلة وليست كل المشكلة.

رغم بعض القصور في برامج تعليمنا العالي، ولكن الحق يُقال ليس لدينا نقص في أبنائنا ولا نقص في كفاءاتهم وقدراتهم لا سمح الله، فعندنا كفاءات تضاهي مثيلاتها في الدول الأخرى. فلله الحمد البلد يزخر بالكفاءات الوطنية التي تنتظر منحها الفرصة لخدمة بلدها وبناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم. أنا لا أقول هذا الكلام من باب المبالغة أو المجاملة بل من واقع معرفة ودراية فربما الـ 20 عاماً التي قضيتها بين أمريكا وكندا طالبا ومن ثم أستاذا جامعيا لنحو نصف هذه المدة تعطيني بعض المصداقية في هذا الجانب.

إذاً، أين أساس المشكلة؟ المشكلة الحقيقية من وجهة نظري تكمن في عدم فاعلية سوق العمل السعودية، إذ عطل نظام الكفالة آليتها أي تعطيل آلية قانون العرض والطلب الخاص بسوق العمل وفوق هذا يتم إغراقها بشكل محموم باليد العاملة الأجنبية الرخيصة، ولكي تدرك حجم المشكلة الحقيقية، لك أن تتخيل أن بلدا يعاني لعقود من البطالة المزمنة التي تتجاوز معدلها بين المواطنين بشكل عام 12% ومعدل البطالة بين شبابه الذين تتراوح أعمارهم من 25 إلى 30 سنة، الذين هم عماد قوته العاملة وصمام الأمان لمستقبله بعد الله سبحانه وتعالى يصل إلى 40% (وفقاً لأرقام الهيئة العامة للإحصاء).

ووفقا لأرقام وزارة العمل المنشورة في بتاريخ 30 أكتوبر 2016 فقد تم إصدار أكثر من 7 ملايين تأشيرة للوافدين للعمل في القطاع الخاص خلال الأعوام الخمسة الماضية بينها أكثر من مليوني تأشيرة عمل في عام واحد فقط.

هل يجلب «جرين كارد» استثمارات نوعية وتقنية؟

مما لا شك فيه أننا في حاجة ماسة للاستثمار النوعي سواء أكان الاستثمار الوطني أو الأجنبي الذي يحقق هدفين أساسيين؛ وهما: جلب التقنية وتوظيف وتدريب السعوديين، ما عدا ذلك فلن يضيف هذا الاستثمار شيئا يذكر للاقتصاد الوطني مهما بلغ حجمه، هذا من حيث المبدأ ولكن إذا كان المراد من برنامج «جرين كارد» هو المساعدة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية فإنني أشكك في فاعليته لسببين:

أولاً- الاستثمارات النوعية في الغالب تأتي من بعض الدول المتقدمة مثل أمريكا والدول الأوروبية. عادة الإقامة الدائمة أو «جرين كارد» ليست من أولويات مستثمري هذه الدول. هذا النوع من الاستثمارات يبحث عن الفرص الاستثمارية والحماية القانونية والشفافية والإفصاح ووضوح القوانين والتشريعات التي تحكم الاقتصاد والنظام القضائي وسرعة وفاعلية تنفيذ الإحكام القضائية.

ثانياً- هناك ثروات سعودية وخليجية خاصة مهاجرة تقدر بنحو 2.2 - 3.4 تريليون دولار حسب بعض التقديرات تجوب العالم بشرقه وغربة بحثاً عن الفرص الاستثمارية. تشجيع هذه الاستثمارات يتطلب القيام بإصلاح هيكلي في الاقتصاد السعودي وسن القوانين الفاعلة التي تحقق العدالة وتجعل الاقتصاد يعمل بفاعلية وكفاءة عالية وتهيئة البيئة الضرورية لاستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء.

حل التستر التجاري

مما لا شك فيه أن التستر التجاري مُضر بالاقتصاد الوطني إذ تضع بعض التقديرات خسائر هذه الآفة بين 20-30% سنوياً من إجمالي الناتج المحلي ولكن الخطأ لا يعالج بالخطأ. ممارسة التستر جريمة، وليس من الحكمة مكافأة مخالفي الأنظمة بمنحهم الإقامة الدائمة. فضلاً عن أن النظام المُقترح سيخلق مشكلة أكبر وأعظم للاقتصاد السعودي وسندفع ثمنها باهظاً في المستقبل. نحن لدينا قانون الاستثمار الأجنبي ولا أعتقد أننا نحتاج إلى قانون جديد يشرعن استيراد تجار الشنطة والكشكات من قبل ضعفاء النفوس والمتنفذين وتجار التأشيرات مقابل حفنة من الريالات. هذا سيغرق الاقتصاد المحلي ويضيق على السعوديين في أرزاقهم مثلما أغرق نظام الكفالة سوق العمل بالعمالة الرخيصة وترك أبناءنا وبناتنا فريسة للبطالة والعوز وضائقة اليد.

* أستاذ المحاسبة المشارك رئيس قسم المحاسبة بكلية إدارة الأعمال/ جامعة الفيصل - الرياض

wathnani@alfaisal.edu