-A +A
عبدالرحمن اللاحم
@allahim

تصريح عضو مجلس الشورى الأستاذة أسماء الزهراني حول قيادة المرأة للسيارة ووصفها بأنها ترف، كان تصريحا مثيرا وصادما ومخيبا للآمال، بسبب طريقة التفكير والتبرير الذي ساقته العضو لتدعيم رأيها، فهي ترى أن توظيف المرأة أولى من قيادة المرأة للسيارة، في ربط غريب بين الملفات، والهدف دغدغة المشاعر الشعبوية بعد سقوط اللافتات التي كانوا يرفعونها بمعارضة حق المرأة في قيادة السيارة، ابتداء بالتحريم ومرورا بتأثيرها على المبايض، والسؤال الإعجازي (ماذا تفعل إذا بنشر كفر السيارة؟) وانتهوا بذريعة جديدة وهي أنها قضية ليست من الأوليات وإنما الأولوية للتوظيف.


فهم يعتقدون أن قضايا هذا الوطن تأتي بشكل متراتب بعضها يعلو بعضا، فلا يمكن أن تحل قضية حتى تعالج التي قبلها، ويجب أن تجمد كل الملفات حتى تُحَل الملفات التي تأتي على رأس قائمتهم، ولا أحد يعلم ما هي المعايير التي على أساسها وضعوا تلك القائمة بالأوليات، فهم لا يعتبرون القضايا تسير وتعالج بطريقة متوازية على الإطلاق وإنما تعالج بطريقة فردية كل قضية على حدة، وجب أن يصطف الجميع وراء موضوع يعتقد أولئك القوم بأنه يأتي في أعلى سلم أولياتهم، والكارثة إذا جاء هذا المنطق من شخص ينتمي إلى مؤسسة تشارك في إصدار التشريعات والتي تعد الأذرع التي من خلالها تقوم الحكومة بالتغيير ومعالجة القضايا الشائكة في كافة المستويات، ولنا أن نتساءل ماذا تستفيد المرأة الموظفة من عائد وظيفتها ونصفه يذهب إلى جيب السائق الآسيوي الذي يمتص جهدها ويقاسمها رزقها لأنها محرومة من قيادة السيارة التي تدفع أقساطها بالنصف المتبقي من راتبها؟ فكيف حكمت الأستاذة القديرة بأن القيادة هي مجرد ترف. مع أنني أشاطرها الرأي بأنها ترف لكن لأولئك القوم الذين تصطف أمام منازلهم الفارهة عشرات السيارات وجيش من السائقين، ولا يمكن أن تتخيل السيدة من تلك الطبقة المخملية بأن هناك سيدة تجوب الشوارع مع الليموزين توصل أطفالها للمدارس وتذهب إلى عملها وتقضي حاجياتها، وتلك السيدة أولى الأوليات في حياتها هي أن تمكن من أن تقود سيارتها بنفسها، وهو الأمر الذي لا يدركه أصحاب الأبراج العاتية لأنها طبقة مترفة منعزلة عن المجتمع، فحالها كحال السيدة في قديم الزمان عندما أطلت على جموع الناس من شرفة غرفتها في قصرها الفاره ورأتهم غاضبين بسبب غلاء الخبز، فسألت حاشيتها لماذا لا يأكلون البسكويت إذا لم يجدوا خبزا؟