-A +A
حسين شبكشي
هناك جماعة في السعودية تناهض وتنتقد كل مشروع أو قرار يقدم كإضافة للمجتمع. وهذا الاعتراض يكون عادة بنفس النغمة المتكررة دائما وهي الجملة التي عادة ما تقال وهي: ألا يوجد موضوع أهم من «هذا»، تذكرت ذلك الأمر وأنا أتابع بعض ردود الأفعال على قرار إنشاء المدينة الترفيهية العملاقة خارج الرياض، والتي ستكون بعد استكمالها أحد أهم مشاريع الترفيه في العالم. قرية «القدية» ليست مجرد مشروع للترفيه، ولكنه مشروع اقتصادي وتنموي في المقام الأول. فبالإضافة إلى أن فكرة إنشاء القرية هي فكرة لكسر مسألة عدم وجود أي وسائل للترفيه في المجتمع السعودي مما يضطر الناس إلى السفر للخارج بحثا عنها، وهي بالتالي حق طبيعي توفره الدولة للمواطنين، هي كذلك فرصة استثمارية في قطاع جديد واعد سيتنامى، وكذلك سيكون من نتائجه توفير عدد غير بسيط من الوظائف للمتقدمين من الجنسين. نعم هناك مواضيع «أهم» ولكن هذا الموضوع لا يقل أهمية، ولو تم الاستماع إلى نغمة «ألا يوجد موضوع أهم من هذا» لما كان هناك تعليم للبنات في البلاد، ولم يكن هناك تلفزيون ولا راديو، ولم يكن هناك ممارسة للرياضة بكافة أنواعها، ولم يكن هناك ابتعاث للخارج، ولم يكن هناك استعانة بكفاءات وخبرات من الخارج. هذا الفكر الانكفائي السلبي الكاره لكل حراك تنموي والمشكك في كل خطوات تقدمية، هو فكر يعيش ويحيا ويستمر من إبقائه الدائم على الاعتراض كموقف وكمبدأ الاستمرار في الاعتراض والتشكيك في كل الخطوات هو سبب وجوده واستمراره، لأنه لو قبل وأحسن الظن بتلك الأفكار التي أتت جميعها بالفوائد الجمة لكان انتهى واضمحل من الوجود. ستستمر الاسطوانة تتكرر ونسمع ذات العبارة في كل إعلان يبعث الأمل ويزرع الابتسامة ويزيل كوابيس العبوس والكآبة عن وجه طال الشوق لابتسامة تزرع على محياه. السعودية مقدمة على عدد غير بسيط من القرارات الكبيرة والمفاجئة التي طال انتظارها وطال الشوق إليها، وهي كلها تقع تحت بند «ألا يوجد موضوع أهم من هذا» بالنسبة للجماعة إياها، ولكن الذي يجب أن لا نغفله هو أن التغيير والتطور والنمو سنة أساسية في هذا الكون وأن الركود والجمود هما وسائل الانقراض السريع والمؤكد. لدى الأمم خياران؛ الأول أن تؤمن وتعتقد يقينا أنها جزء من هذا العالم وأن الإنسانية هي العنصر المشترك الذي يجمع الشعوب والقبائل للتعارف بينها، كما أمرنا الدين الحنيف، وأن علينا إعمار الأرض فنقدم على هذه المهمة بمحبة وثقة وحسن ظن، أو نكون في جزيرة منعزلة عن العالم ونقنع أنفسنا بأننا بألف خير وأننا لدينا خصوصية تميزنا عن غيرنا ونصبح بالتالي مثلنا مثل كوريا الشمالية. جماعة «ألا يوجد موضوع أهم من هذا» لن يقتنعوا بهذا التوجه ولكنهم يرون التغيير الذي يحصل ويهابونه بدلا من الاندماج فيه وأن يكونوا جزءا من التطور وليس جزءا من المشكلة. السعودية تتغير وتتقدم وتنضم إلى المجتمع الدولي وتخرج من القوقعة الانعزالية التي كانت لسنوات طويلة فيها، وهي بذلك تكسب أجيالها المستقبلية الثقة المهمة والمطلوبة والتي ستنعكس بالخير في أوجه كثيرة.

القرية الترفيهية الجديدة ليست مجرد مشروع، ولكنها من علامات التحول الكبير الذي طال انتظاره ويستحقه المجتمع السعودي.