-A +A
عبدالرحمن اللاحم
@allahim

مهمة القاضي تنحصر في الجلوس على المنصة القضائية والفصل في القضايا وإدارة الخصومات، هذا هو العمل الأساسي للقاضي والمتعارف عليه في كل بقعة من هذا العالم، فليس من مهامه ممارسة أعمال إدارية بعيدة عن العمل القضائي، خصوصاً في حالة شح الكوادر القضائية كما هو موجود في المملكة، إلا أن ما يحدث لدينا هو عكس ذلك تماماً، حيث إننا نجد مجموعة من القضاة يمارسون أعمالا إدارية بوزارة العدل وفي المجلس الأعلى للقضاء سواء في إدارة مكاتب كبار المسؤولين في تلك المؤسسات وفي وظائف إدارية لا علاقة لها بالشأن القضائي لا من قريب ولا من بعيد.


وكان يفترض أن توكل تلك الوظائف الإدارية لموظفين لا يشغلون وظائف قضائية، حيث إن التعيين في الوظائف الإدارية أسهل من حيث الإجراءات من التعيين على الوظائف القضائية التي تكتنفها مجموعة من المعايير والإجراءات المعقدة ويتم التعيين عليها بقرار ملكي مما يجعل الوظائف القضائية أشد تعقيدا من غيرها من حيث إجراءات التعيين عليها، ولا نعلم سبب إصرار وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى على سحب بعض القضاة من منصاتهم في المحاكم وحشرهم في أعمال إدارية من الممكن أن يقوم بها غيرهم من الإداريين، فما الفائدة التي ترجع على المرفق القضائي من أن يدير قاضي استئناف مكتب أحد كبار المسؤولين في وزارة العدل؟ أليس الأجدر بقاضي الاستئناف أن ينضم لزملائه لتسريع الفصل في المنازعات القضائية المتراكمة التي دائما يكون أحد الذرائع التي تتفرس بها وزارة العدل هو شح القضاة بينما نجدهم ينتشرون بأروقة الوزارة ومجلس القضاء الأعلى في مكاتب إدارية.

إن هذه القضية المفصلية وهذا الإجراء الذي أعتقد أنه يكتنفه الكثير من الغموض من حيث أسباب انتداب أولئك القضاة لتكليفهم بأعمال إدارية سيزيد في عرقلة مسيرة العدالة في البلد ويحول دون سرعة الإنجاز في القضايا، إضافة إلى إهدار الكفاءات القضائية في أعمال لا علاقة لها بالمسؤوليات التي من أجلها عينوا في هذه الوظيفة القضائية، ونأمل من قيادات وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى إعادة النظر في هذا الإجراء، أو على الأقل الخروج بتصريح يشرحون ويبررون أسباب ذلك للرأي العام حتى يعلم الناس ما يدور خلف تلك الجدران المصمتة.